يستعد برشلونة لاتخاذ خطوة حاسمة بشأن مستقبل مهاجمه البولندي المخضرم، روبرت ليفاندوفسكي، إذ تتجه النية داخل النادي الكتالوني نحو عدم تجديد عقده، بالتزامن مع بدء التحرك الفعلي للبحث عن بديل مناسب في الخط الهجومي، استعدادا للموسم المقبل.
ووفقاً لصحيفة “سبورت” الإسبانية، فإن قرار برشلونة بعدم تمديد عقد ليفاندوفسكي بات شبه مؤكد، مع تزايد القناعة داخل الإدارة بأن اللاعب، رغم قيمته وخبرته، لم يعد قادرا على تقديم نفس المردود البدني والفني، الذي قدّمه في موسمه الأول، حين أحرز 33 هدفا في جميع المسابقات، وساهم في حصد لقب الدوري الإسباني (2022-2023).
أما في الموسم الماضي، فقد تراجع رصيده إلى 24 هدفا فقط، في مؤشر واضح على انخفاض فعاليته أمام المرمى.
وترى الإدارة الرياضية بقيادة ديكو، أن المرحلة التي قضاها المهاجم البولندي مع “البلوجرانا” وصلت إلى نهايتها الطبيعية، خصوصا مع بلوغه السابعة والثلاثين من عمره، وتراجع قدرته على الضغط والمساهمة في إيقاع اللعب الجماعي، الذي يفرضه المدرب هانز فليك في الفترة الحالية.
وتشير تقارير صحفية إلى أن فليك نفسه لا يمانع في رحيله، إن أتيح بديل قادر على التأقلم سريعا مع منظومة الفريق.
وقد بدأ برشلونة فعليا في وضع خطة لتأمين مركز المهاجم الصريح، إذ أدرج النادي هذا الملف ضمن أولويات الميركاتو القادم، إلى جانب تدعيم مركز الظهير الأيمن وخط الوسط الدفاعي.
وتوضح المصادر أن البارسا لا يعتزم التوجه نحو أسماء كبرى باهظة الثمن، مثل جوليان ألفاريز نجم أتلتيكو مدريد، بل يفضل التعاقد مع لاعب صاعد، قادر على التطور داخل النادي.
ويُذكر من بين الخيارات المطروحة اسم المهاجم الكاميروني، كارل إيتا إيونج، لاعب ليفانتي، الذي لفت الأنظار بأدائه القوي وسرعته في إنهاء الهجمات.
مستقبل غامض
من جهة أخرى، لا يزال مستقبل ليفاندوفسكي غامضا. فالنجم البولندي، الذي لعب 123 مباراة بقميص برشلونة، وسجّل خلالها أكثر من 60 هدفا، لم يحسم قراره بعد بشأن تمديد مسيرته لعام إضافي، أو التفكير في الاعتزال والاستقرار في كتالونيا، وهو خيار تميل إليه عائلته، خصوصا زوجته “آنا” التي ترتبط بأنشطة إعلامية ورياضية في المنطقة.
وتشير صحيفة “سبورت” إلى أن البارسا فكّر مؤقتا في تجديد عقده لعام واحد، قبل بيعه لأحد الأندية الخليجية، غير أن هذا السيناريو تراجع في الأسابيع الأخيرة، بسبب موقف “ليفا” الرافض لفكرة الانتقال إلى الدوريات العربية، مفضلا في حال رحيله اللعب لأحد أندية الدوري الفرنسي أو الإيطالي، مع اهتمام محدود من موناكو وإنتر ميلان.
بموازاة ذلك، يواصل برشلونة مراقبة السوق الإفريقية، التي لطالما شكّلت منبعاً لمواهب تركت بصمة مؤثرة في تاريخ النادي. فمنذ تألق الكاميروني صامويل إيتو، الذي سجل 130 هدفاً في خمسة مواسم، وساهم في السداسية التاريخية عام 2009، أصبح اللاعبون الأفارقة جزءا من تاريخ “كامب نو”.
ويبرز في هذا الصدد الإيفواري يايا توريه، الذي مثّل الفريق بين عامي 2007 و2010، وساهم في تتويج برشلونة بدوري الأبطال، والمالي سيدو كيتا الذي كان أحد الأعمدة التكتيكية لجوارديولا بفضل انضباطه وتعدد أدواره، إضافةً إلى الكاميروني ألكسندر سونج، الذي انضم في 2012 من آرسنال، لكنه لم ينجح في فرض نفسه بسبب المنافسة القوية في الوسط.
ومن إيتو إلى كيتا وتوريه، جسد الحضور الإفريقي في برشلونة قيم القوة والانضباط والموهبة. واليوم، قد يجد كارل إيتا إيونج نفسه أمام فرصة تاريخية ليكون امتدادا لهذا الإرث، خصوصا أن النادي يرى فيه مزيجا من القوة البدنية والمرونة التكتيكية، التي تناسب فلسفة اللعب الحالية.
وبينما يسعى برشلونة إلى بناء مشروع جديد، قائم على التجديد المالي والرياضي، فإن رحيل ليفاندوفسكي سيكون خطوة رمزية تشير إلى نهاية مرحلة وبداية أخرى، عنوانها ضخ دماء جديدة واستعادة الفعالية الهجومية.
مسيرة استثنائية
ويعد روبرت ليفاندوفسكي من أبرز المهاجمين في كرة القدم الحديثة، حيث ترك بصمة استثنائية أينما لعب.
وبدأ ليفاندوفسكي مسيرته الاحترافية في بولندا، مع فريق زنيتش بروسكوف، ثم ليتش بوزنان، قبل أن ينتقل إلى بوروسيا دورتموند عام 2010، حيث تألق تحت قيادة يورجن كلوب، وساهم في تحقيق لقبي دوري ألماني متتاليين، وسجل أكثر من 100 هدف خلال أربعة مواسم.
وبعدها انتقل إلى بايرن ميونخ في 2014، ليبلغ قمة المجد الكروي، إذ أحرز 344 هدفا في 375 مباراة، وفاز بـ8 ألقاب دوري ألماني، إضافةً إلى دوري أبطال أوروبا عام 2020، الذي توّج خلاله بلقب هداف البطولة.
وانضم ليفاندوفسكي إلى البلوجرانا خلال صيف 2022، في صفقة بلغت قيمتها نحو 45 مليون يورو. وسرعان ما أثبت قيمته الهجومية، حيث سجل في موسمه الأول 33 هدفا، في 46 مباراة بجميع البطولات، وقاد الفريق للتتويج بلقب الليجا وكأس السوبر الإسباني.
وإجمالا، تجاوزت حصيلته مع برشلونة حاجز الـ60 هدفا، خلال أكثر من 120 مباراة.