بلغت الرأس الأخضر نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2026 للمرة الأولى في تاريخها يوم الإثنين، لتصبح ثاني أصغر دولة من حيث عدد السكان تصل إلى العرس العالمي في محاولتها السابعة، مستفيدة من استقدام لاعبين عبر منصة “لينكدإن” المهنية.
نظام جديد يفتح الباب أمام المنتخبات الصغيرة
سمح النظام الجديد لكأس العالم، الذي يتيح مشاركة 48 منتخبًا بدلاً من 32 بدءًا من عام 2026، لمنتخبات جديدة ببلوغ النهائيات لأول مرة.
وهكذا فعلت الأردن، وأوزبكستان من آسيا، وتبعتهما الرأس الأخضر التي انضمت إلى منتخبات المغرب، والجزائر، ومصر، وتونس، وغانا من إفريقيا، مع توقعات بتأهل 3 منتخبات أفريقية أخرى على الأقل.
إنجاز تاريخي لأرخبيل صغير
أصبح الأرخبيل، الذي يبلغ عدد سكانه أقل من 550 ألف نسمة ويقع في المحيط الأطلسي قبالة الساحل الغربي لإفريقيا، ثاني أصغر بلد يصل إلى النهائيات بعد إيسلندا في 2018.
وقال المدرب بيدرو بريتو “بوبيشتا”، الذي كان لاعبًا محترفًا في الدوري البرتغالي مطلع الألفية مع استوريل: “إنه نصر لجميع شعب الرأس الأخضر، إسعاد هؤلاء الناس أمر عظيم… وقبل كل شيء، نصر لمن ناضلوا من أجل استقلالنا”.
وأضاف: “إنها لحظة مميزة في احتفالنا بالذكرى الخمسين لاستقلالنا”، في إشارة إلى إعلان الرأس الأخضر استقلالها عن البرتغال في 5 يوليو/تموز 1975 بعد استعمار دام منذ 1462.
مشوار كروي متطور
تأسس الاتحاد الكروي للرأس الأخضر عام 1982، وانضم للاتحاد الدولي (فيفا) في 1986، لكنه تأخر في الانضمام إلى الاتحاد الأفريقي حتى عام 2000.
وبدأ مشواره المونديالي في تصفيات 2002 في كوريا الجنوبية واليابان، لكنه انتظر 25 عامًا لتحقيق هذا الإنجاز التاريخي بعد تطور ملحوظ أدى إلى بلوغه ربع نهائي كأس أمم إفريقيا مرتين في 2013 و2023.
استقدام لاعبين عبر “لينكدإن”
أقر قلب الدفاع روبرتو “بيكو” لوبيش أن زيادة مقاعد إفريقيا من 5 إلى 9 أسهمت في تأهل منتخب بلاده.
وقال لـ”بي بي سي” قبل مباراة ليبيا في الجولة التاسعة قبل الأخيرة (3-3): “كان التأهل إلى كأس العالم أمرًا صعبًا تقليديًا، خصوصًا في إفريقيا، حيث كان عليك إنهاء التصفيات في المركز الأول في مجموعتك للحصول على فرصة. هذه المرة، إذا أنهيت التصفيات في الصدارة، فأنت متأهل مباشرة. الحافز لاحتلال الصدارة كان حاسمًا”.
لم تسر مشاركة لوبيش مع المنتخب بالطريقة التقليدية، إذ تلقى دعوة عبر “لينكدإن”، وهي طريقة مميزة يعتمدها الاتحاد للبحث عن لاعبين مؤهلين.
وقال في بودكاست: “كنت مصابًا بجنون الارتياب قليلاً. نشأت في منطقة مليئة بالمكالمات المزعجة، فكنت حذرًا أكثر من اللازم! لكنني تغاضيت عن كبريائي، ولحسن الحظ تواصلت مع المدرب السابق روي أغواش في الوقت المناسب”.
وأضاف أن أكبر مخاوفه عند انضمامه كانت تتعلق باللغة، إذ لا يتحدث البرتغالية أو الكريولية الرأس-خضرية، لكنه وجد ترحيبًا كبيرًا من زملائه الذين ساعدوه بالإنجليزية.
فريق منظم بقيادة “بوبيشتا”
منذ 2020، بنى المدرب بوبيشتا فريقًا منظمًا ومتماسكًا يتميز بدفاع صلب، لاعبي وسط مهاريين، ومهاجمين موهوبين، تمكنوا من إسقاط غانا والتعادل مع مصر في كأس أمم إفريقيا 2023.
ورغم فشل المنتخب في التأهل إلى كأس أمم إفريقيا 2025 في المغرب، بعد احتلاله ذيل مجموعته التي ضمت مصر وبوتسوانا وموريتانيا، جدد الاتحاد ثقته في المدرب لمواصلة المشروع.
وقال لوبيش عنه: “إنه مدرب رائع وإنسان رائع، ويحظى بتقدير كبير في الرأس الأخضر بفضل مهاراته في الإدارة والقيادة”.
وجهة سياحية ودولة مستقرة
يُعد أرخبيل الرأس الأخضر، المكون من 10 جزر، وجهة سياحية عالمية وواحدة من أكثر الدول استقرارًا سياسيًا وديمقراطية في إفريقيا.
وتشكل الهجرة جزءًا أساسيًا من هويتها، مع وجود جاليات كبيرة في الولايات المتحدة، البرتغال، هولندا، وفرنسا.
وقال لوبيش: “لا أعتقد أننا نُقلل من شأننا، بل المشكلة أن الناس لا يعرفوننا جيدًا”.
حلم المونديال
يمكن لسكان الرأس الأخضر الآن التطلع إلى قرعة كأس العالم 2026 التي ستُقام في واشنطن في 5 ديسمبر، والحلم بمواجهة أكبر المنتخبات العالمية العام المقبل.