تعامل توماس توخيل، مدرب منتخب إنجلترا، بروح رياضية مع الهتافات الساخرة التي وجهها له مشجعو الأسود الثلاثة، بعد أن قاد فريقه للتأهل رسميًا إلى نهائيات كأس العالم المقبلة.
وجاء التأهل بعد فوز إنجلترا الساحق على لاتفيا بنتيجة (5-0)، بفضل ثنائية هاري كين في الشوط الأول، وأهداف أنتوني جوردون، إيبرتشي إيزي، وهدف عكسي من ماكسيمس تونيسفز، ليضمن المنتخب الإنجليزي مقعده في مونديال أمريكا الشمالية.
وفقاً لما ذكرته الصحافة البريطانية، فقد تلقى توخيل هتافات مازحة من جماهير إنجلترا التي سافرت إلى ريجا، رداً على تصريحاته السابقة التي انتقد فيها الأجواء الهادئة خلال الفوز الودي على ويلز بثلاثية نظيفة يوم الخميس الماضي.
وردد المشجعون عبارات مثل “نغني عندما نريد” و”هل نحن صاخبون بما فيه الكفاية من أجلك؟”، فيما نال النجم السابق جاري نيفيل نصيبه من السخرية هو الآخر بعد تصريحاته المثيرة عن “الرجال البيض في منتصف العمر”.
وقال توخيل بعد المباراة: “تلقيت بعض الهتافات ضدي اليوم، خاصة في الشوط الأول، تقريباً مع كل أغنية، هذا عادل، وأقول أحسنتم، تقبّلت الأمر بروح الدعابة، وكانت تعليقاتهم ذكية ومبدعة، لقد جعلوني أبتسم، وهذا ما يميز روح الدعابة البريطانية، لا مشكلة على الإطلاق”.
وأضاف المدرب الألماني: “من المهم جداً أن يكونوا هنا، لقد قلت من قبل إن الدعم في صربيا كان رائعاً، ونحن واثقون أن الجماهير في أمريكا ستقدم دعماً مذهلاً أيضاً. نحن بحاجة إليهم، فوجود المشجعين خلف الفريق يصنع الفارق الكبير سواء للاعبين أو للمدرب”.
وتابع: “نريد أن نجعلهم فخورين وسعداء بما نقدمه، ونأمل أن يشعروا بالانتماء لطريقتنا في اللعب. نحن نبني شيئاً مميزاً، واليوم كان أداءً جماعياً رائعاً من الجميع”.
وتمكن توخيل من إنجاز أولى مهامه بقيادة إنجلترا إلى البطولة العالمية، وإذا واصل الفريق تطوره في المباريات الثلاث الأخيرة، فقد يصبح أحد أبرز المرشحين لحصد اللقب.
وقال المدرب: “خضنا 6 مباريات في المجموعة، فزنا بها جميعاً، ولم نستقبل أي هدف، اليوم كان لحظة خاصة جداً. تقدمنا كثيراً في آخر معسكرين، وكان العمل الجماعي هو سر النجاح”.
من جانبه، واصل هاري كين تألقه اللافت هذا الموسم بتسجيله هدفين جديدين، ليرفع رصيده إلى 21 هدفاً في 13 مباراة مع النادي والمنتخب، ويصل إلى 76 هدفاً دولياً، مساهماً في جعل إنجلترا أول منتخب أوروبي يحجز مقعده في المونديال.
وأشاد توخيل بمهاجمه قائلاً: “من الرائع امتلاكه، إنه في حالة بدنية وذهنية ممتازة. بخلاف هدفيه، شاهدوا لقطة الهدف الخامس في الدقيقة 85 من توقيع إيزي، بعد أن فقدنا الكرة، عاد كين حتى منتصف ملعبنا وركض بكل قوة دفاعياً، كقائد ومهاجم رقم 9، لم يكن مضطراً لذلك، لكن هذا ما يميز العظماء، هذا الموقف هو من يحدد المعايير، إنه يساعدنا على استعادة الكرة، ومن تلك اللقطة جاء الهدف الأخير. هاري مستعد دائماً لبذل الجهد المطلوب، وهذا ما يجعله قائداً استثنائياً”.
مسيرة مميزة
توماس توخيل يُعد من أبرز المدربين الألمان في كرة القدم الحديثة، وقد تميز بأسلوبه التكتيكي المتطور ونجاحاته المتعددة في أوروبا.
وُلد توخيل في 29 أغسطس 1973 بمدينة كرومباخ بألمانيا، وبدأ مسيرته كلاعب مدافع قبل أن يعتزل مبكرًا بسبب الإصابة. انتقل بعدها إلى التدريب، حيث بدأ مشواره مع فريق أوغسبورغ ب عام 2007، ثم تولى تدريب ماينتس 05 بين عامي 2009 و2014، وهناك لفت الأنظار بأسلوبه الهجومي المنظم.
في عام 2015، تولى تدريب بوروسيا دورتموند، وحقق معهم لقب كأس ألمانيا موسم 2016–2017، وبرز كأحد المدربين الواعدين في ألمانيا. ثم انتقل إلى باريس سان جيرمان عام 2018، حيث قاد الفريق إلى عدة ألقاب محلية، أبرزها الدوري الفرنسي، ووصل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2020، لكنه خسر أمام بايرن ميونخ.
في يناير 2021، تولى توخيل تدريب تشيلسي الإنجليزي، وحقق معهم نجاحًا كبيرًا، أبرزها الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا في نفس العام، متفوقًا على مانشستر سيتي في النهائي. كما أحرز كأس السوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية، مما عزز مكانته كمدرب عالمي.
في 2023، تولى تدريب بايرن ميونخ، لكنه واجه تحديات كبيرة في الحفاظ على هيمنة الفريق محليًا وأوروبيًا. وفي تحول مفاجئ، أعلن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم تعيينه مدربًا لمنتخب إنجلترا بدءًا من يناير 2025، ليصبح ثالث مدرب أجنبي في تاريخ المنتخب الإنجليزي.
خاض توخيل أكثر من 600 مباراة تدريبية، فاز في 356 منها، وتعادل في 106، وخسر 146، وسجلت فرقه 1268 هدفًا، واستقبلت 701 هدفًا. يُعرف بأسلوبه التحليلي، وقدرته على تطوير اللاعبين، وابتكار حلول تكتيكية في المباريات الكبرى.
مسيرة توخيل تعكس طموحه المستمر، وقدرته على التأقلم مع مختلف البيئات الكروية، مما يجعله من أبرز المدربين في كرة القدم الحديثة.