لم يكن أحد يتخيل أن يعود جاك جريليش إلى قمة مستواه بعيدًا عن مانشستر سيتي وبيب جوارديولا. اللاعب الذي كان يُنظر إليه كواحد من رموز الفريق في موسم الثلاثية التاريخي، وجد نفسه فجأة على هامش المشهد، قبل أن يتحول الآن إلى تميمةٍ جديدة في مدينة ليفربول، مرتديًا قميص إيفرتون، محاطًا بحب الجماهير التي رأت فيه ما افتقده هو نفسه لسنوات: الدفء، والثقة، والانتماء.
ومع أن جريليش سيكتفي بدور المتفرج حين يزور فريقه الجديد ملعب الاتحاد لمواجهة مانشستر سيتي، إلا أن مشهد ترحيب جماهير السماوي به سيكون مليئًا بالعاطفة، لكونه كان أحد أبرز وجوه احتفالات التتويج بالثلاثية في صيف 2023 — من الرقص الصاخب في ملعب أتاتورك إلى الاحتفالات الجامحة في إيبيزا، ثم العرض الشهير في شوارع مانشستر. لكن خلف تلك الابتسامات الصاخبة، كان هناك لاعبٌ فقد ذاته الكروية.
حين تعاقد مانشستر سيتي مع جاك جريليش في صيف 2021 قادمًا من أستون فيلا مقابل 100 مليون جنيه إسترليني، كانت التوقعات مرتفعة إلى حدٍ مذهل. كان يُفترض أن يكون هو القطعة المفقودة في لوحة بيب جوارديولا التكتيكية، اللاعب الذي يُحوّل الاستحواذ إلى إبداعٍ حي.
غير أن جريليش، بمهارته الفطرية وروحه الحرة، وجد نفسه في نظامٍ صارمٍ يُقيّد حريته. في موسمه الثاني، أظهر التزامًا نادرًا وانضباطًا تكتيكيًا جعله يوصف داخل غرف الملابس بـ”محطة الراحة”، لأنه كان يُبطئ الإيقاع ويمنح زملاءه لحظاتٍ للتنفس أثناء امتلاك الكرة أو كسب الأخطاء. ورغم أن ذلك الدور ساعد الفريق في تحقيق التوازن، فإنه خنق جانبًا من سحره الفطري الذي جعله محبوبًا في فيلا بارك.
ومع قدوم البلجيكي جيريمي دوكو في صيف 2023، بدأ بريق جريليش يتراجع. لم يعد الخيار الأول على الجناح، بل جلس كثيرًا على مقاعد البدلاء يشاهد فودين ودوكو يتناوبان على مركزه.. جوارديولا نفسه اعترف في نهاية الموسم قائلاً: “جاك سيعود إلى مستواه. أنا واثق من ذلك”.
لكن الواقع كان قاسيًا.. في موسم 2023-2024، خاض جريليش 7 مبارياتٍ أساسية فقط في الدوري، وسجل هدفًا واحدًا وصنع آخر، ليجد نفسه بعيدًا تمامًا عن الصورة في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي أمام كريستال بالاس. في تلك اللحظة، بدا أن العلاقة بينه وبين جوارديولا وصلت إلى نقطة اللاعودة.