يستضيف موناكو الفرنسي ضيفه توتنهام هوتسبير، ضمن الجولة الثالثة من الدور الأول لمسابقة دوري أبطال أوروبا.
يعد اللقاء واحدا من أكثر المواجهات ترقبا في هذه الجولة، إذ يجمع بين فريقين يحملان فلسفتين مختلفتين: موناكو الساعي لاستعادة بريقه الأوروبي بعد غياب طويل، وتوتنهام الباحث عن تثبيت أقدامه بين كبار القارة بعد بداية مشجعة تحت قيادة توماس فرانك.
لكن خلف أضواء الأسماء والمواهب، تقف الإحصائيات والأرقام لتروي قصة أخرى من التنافس، تُظهر كيف تغيّر الفريقان على مر السنوات، وما الذي يمكن أن نتوقعه من هذه المواجهة.
تاريخ المواجهات بين موناكو وتوتنهام
سيكون هذا اللقاء هو الخامس بين الفريقين في البطولات الأوروبية. ففي أول مواجهتين بينهما، فشل موناكو في تحقيق أي فوز (تعادل مرة وخسر مرة)، لكن في الموسم 2016-2017 من دوري الأبطال، نجح الفريق الفرنسي في تحقيق الفوز ذهابا وإيابا بنتيجة واحدة (2-1) على توتنهام، في موسم تألق فيه شباب الإمارة بقيادة كيليان مبابي وفابينيو وتوماس ليمار.
تلك الانتصارات ما تزال عالقة في ذاكرة جماهير موناكو، إذ كانت جزءا من مسيرة الفريق المذهلة التي قادته إلى نصف نهائي البطولة في ذلك الموسم، بينما خرج توتنهام حينها من دور المجموعات.
إحصائيا، يُعد ملعب “لويس الثاني” مكانا صعبا على الفرق الإنجليزية تاريخيا، فقد خاض موناكو ثماني مباريات أمام أندية إنجليزية في دوري الأبطال، خسر مرة واحدة فقط مقابل خمسة انتصارات وتعادلين، واللافت أن الهزيمة الوحيدة جاءت على يد فريق من شمال لندن أيضا وهو آرسنال، الذي فاز 2-0 في مارس/ آذار 2015.
وبالتالي فإن مواجهة توتنهام، القادم من نفس المدينة، تحمل رمزية خاصة لجماهير الإمارة التي تأمل أن يستمر “النحس اللندني” ضد خصوم الشمال هذه المرة.
تراجع موناكو في القلعة الأوروبية
لكن رغم هذه الأرقام التاريخية، يعيش موناكو فترة تذبذب على المستوى القاري، فمنذ الموسم 2016-2017 الذي فاز فيه بأربع مباريات متتالية على أرضه في دوري الأبطال، لم يتمكن الفريق إلا من تحقيق ثلاثة انتصارات فقط في آخر 13 مباراة داخل ملعبه بالبطولة، مقابل تسع هزائم وتعادل واحد.
هذا التراجع يعكس التحول الكبير في تركيبة الفريق خلال السنوات الماضية، إذ رحل معظم نجوم الجيل الذهبي، وحل مكانهم جيل جديد لا يزال يبحث عن هوية أوروبية راسخة.
أما توتنهام، فلا يملك سجلا مشجعا في مبارياته الأوروبية خارج أرضه، حيث فاز في مباراة واحدة فقط من آخر سبع مواجهات خارج الديار في دوري الأبطال (تعادل في اثنتين وخسر 4)، لكن ذلك الانتصار الوحيد جاء في فرنسا، عندما تغلب على مارسيليا بنتيجة 2-1 في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022.
هذه الذكرى الإيجابية قد تمنح الفريق اللندني جرعة معنوية قبل العودة إلى الأراضي الفرنسية، وإن كانت مواجهة موناكو تختلف تماما من حيث التنظيم الدفاعي والسرعة الهجومية.
روح العودة
في الجولة الثانية من البطولة، قدّم موناكو مباراة مثيرة أمام مانشستر سيتي، عندما عاد مرتين من التأخر ليتعادل 2-2 على ملعبه.
وكانت تلك المرة الأولى التي يتجنب فيها الفريق الهزيمة بعد التأخر في نتيجة مباراة بدوري الأبطال منذ سبتمبر/ أيلول 2016 ضد باير ليفركوزن، بعد سلسلة من تسع هزائم متتالية عندما يتلقى الهدف الأول.
كما كانت المرة الأولى منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2000 أمام رينجرز التي يعود فيها الفريق مرتين من الخلف ليخطف التعادل (2-2).
هذه الإحصائية تؤكد أن موناكو الحالي يمتلك شخصية مختلفة، قادرة على القتال والرد، حتى أمام كبار أوروبا.
فرصة تاريخية لتوماس فرانك
يملك مدرب توتنهام الجديد توماس فرانك فرصة لصناعة التاريخ، إذ يمكنه أن يصبح أول مدرب في تاريخ النادي لا يخسر في أول ثلاث مباريات له في دوري الأبطال.
وبدأ المدرب الدنماركي مشواره القاري بانتصار وتعادل، ويدخل مواجهة موناكو بطموح تحقيق رقم قياسي شخصي وتاريخي للنادي.
تاريخيا، لم يسبق لتوتنهام أن بدأ أي موسم في دوري الأبطال بدون خسارة في أول ثلاث مباريات سوى في الموسم 2017-2018 تحت قيادة ماوريسيو بوكيتينو، عندما حقق الفريق حينها فوزين وتعادلا وتأهل من مجموعة ضمت ريال مدريد وبوروسيا دورتموند.
من الناحية الدفاعية، يعاني موناكو من اهتزاز واضح في الخط الخلفي، إذ استقبل هدفين أو أكثر في كل من آخر ثلاث مباريات له في دوري الأبطال.
سبق للفريق الفرنسي أن عانى من هذا التراجع في الموسم 2017-2018، عندما اهتزت شباكه في أربع مباريات متتالية بنفس المعدل، وهو رقم يسعى المدرب أدولف هاتر لإيقافه أمام توتنهام.
قدوس.. الورقة الرابحة
من بين أبرز الأسماء التي خطفت الأضواء في صفوف توتنهام هذا الموسم هو الدولي الغاني محمد قدوس، القادم من وست هام يونايتد الصيف الماضي.
في المباراة السابقة أمام بودو/جليمت، دخل كودوس بديلاً لمدة 30 دقيقة فقط، لكنه أكمل خمسة مراوغات ناجحة، وهو نفس عدد المراوغات التي نفذها جميع زملائه في الفريق مجتمعين خلال اللقاء.
كما أصبح اللاعب الأكثر تنفيذا للمراوغات في مباراة واحدة بصفته بديلا في تاريخ توتنهام بدوري الأبطال.
قصة داير المثيرة
يمثل المدافع الإنجليزي إيريك داير أحد أبرز القصص الجانبية في هذه المواجهة.
فداير، الذي خاض 365 مباراة بقميص توتنهام بين العامين 2014 و2023، سيواجه فريقه السابق للمرة الأولى منذ رحيله، لكن هذه المرة بقميص موناكو.
الأغرب أنه سجل أهدافا في اثنتين من آخر ثلاث مباريات له في دوري الأبطال، الأولى مع بايرن ميونيخ في أبريل/نيسان الماضي، والثانية مع موناكو في الجولة الثانية.
وبذلك أصبح داير واحدا من لاعبين إنجليزيين فقط سجلا أهدافاً في دوري الأبطال لصالح ناديين غير إنجليزيين، إلى جانب جود بيلينجهام الذي فعلها مع دورتموند وريال مدريد.
من جهة أخرى، يواصل الإسباني بيدرو بورو دوره المؤثر مع توتنهام في البطولة، فقد صنع الهدف الأول في تعادل فريقه 2-2 أمام بودو/جليمت، وهو اللاعب الذي خلق أكبر عدد من الفرص (4) في صفوف السبيرز حتى الآن في دوري الأبطال، كما نفذ 18 تمريرة تخترق الخطوط، وهو الأعلى في الفريق.
هذه الأرقام تعكس أهمية بورو في أسلوب فرانك الهجومي القائم على بناء اللعب من الأطراف والاختراق عبر العمق عند التوقيت المناسب.