الدوحة على خطى لوسيل.. من مونديال الكبار إلى أحلام الصغار
مع اقتراب العد التنازلي لانطلاق بطولة كأس العالم تحت 17 سنة، تتجه أنظار العالم نحو دولة قطر التي تستعد لاستضافة الحدث العالمي الكبير للمرة الأولى في تاريخها، بمشاركة 48 منتخباً من مختلف القارات، يتنافسون على رفع الكأس المرموقة في الفترة من الثالث حتى السابع والعشرين من نوفمبر المقبل.
الدوحة، التي أثبتت جدارتها في تنظيم البطولات الكبرى، تواصل كتابة فصول جديدة في مسيرة استثنائية من النجاحات الرياضية، وهذه المرة عبر احتضانها لبطولة الناشئين التي تمثل بوابة عبور النجوم الصغار نحو العالمية.
وبينما تتزايد وتيرة التحضيرات، يستعد المنتخب القطري للناشئين للمشاركة الثامنة في تاريخه في المونديال، متسلحاً بالطموح والعزيمة لتحقيق نتيجة تتجاوز الإنجاز التاريخي الذي سجله في نسخة عام 1991 بإيطاليا، حين احتل المركز الرابع كأفضل إنجاز في تاريخ مشاركاته.
التميمي يسترجع ذكريات 1991: محطة لا تُنسى في مسيرتنا
وفي هذا السياق، أكد جاسم التميمي، قائد منتخب قطر للناشئين في نسخة 1991، في تصريحات للمركز الإعلامي للبطولة، أهمية كأس العالم تحت 17 سنة بوصفها منصة مثالية لاكتشاف المواهب الواعدة وتسليط الضوء على الجيل الصاعد من نجوم المستقبل.
وقال التميمي: “المشاركة في كأس العالم تحت 17 سنة تشكل تجربة لا تُنسى للاعبينا الصغار، وستبقى محفورة في ذاكرتهم، تماماً كما كانت تجربتي الشخصية في نسخة 1991 مع زملائي. تمثيل الوطن في بطولة عالمية شرف لا يضاهيه شرف آخر”.
وأضاف النجم السابق أن استضافة البطولات الكبرى تمثل نقطة انطلاق حقيقية للمواهب الصاعدة، مشيراً إلى أن قطر أثبتت تفوقها على كثير من الدول المتقدمة في كرة القدم من حيث البنية التحتية المتطورة والقدرات التنظيمية المتميزة، مما يتيح بيئة مثالية لصقل مهارات اللاعبين وتعزيز مكانة المنتخب القطري على الساحة العالمية.
ونوه التميمي بأن إنجاز 1991 سيبقى علامة مضيئة في تاريخ الكرة القطرية، ليس فقط لكونه إنجازاً رياضياً، بل لأنه شكّل نقطة تحول في مسيرة جيل كامل من اللاعبين الذين حملوا لاحقاً راية المنتخب الأول.
من الحي إلى المجد العالمي
واستعاد التميمي ذكريات بداياته في عالم كرة القدم قائلاً: “بدأت مثل أي شاب قطري ألعب مع أصدقائي في الحي، ولم أكن أتخيل أنني سأحصل يوماً على فرصة لتمثيل منتخب بلادي في بطولة عالمية. انضمامي لصفوف المنتخب القطري للناشئين للمشاركة في كأس العالم 1991 كان بمثابة حلم تحول إلى حقيقة”.
وفي تلك النسخة، أوقعت القرعة المنتخب القطري في المجموعة الثانية إلى جانب أستراليا والكونغو والمكسيك. وبعد تعادل سلبي مع الكونغو وخسارة ضيقة أمام المكسيك بهدف دون رد، تمكن التميمي من قيادة العنابي إلى التأهل بعد تسجيله هدف الفوز الحاسم في شباك أستراليا بالدقيقة 76 من اللقاء الثالث في دور المجموعات.
واستمرت مسيرة المنتخب بنجاح، إذ تغلب على الولايات المتحدة الأمريكية في الدور ربع النهائي، قبل أن يودع البطولة بركلات الترجيح أمام منتخب غانا الذي تُوّج لاحقاً باللقب. ورغم الخسارة بصعوبة أمام الأرجنتين في مباراة تحديد المركز الثالث، فقد صنع العنابي إنجازاً خالداً باحتلاله المركز الرابع عالمياً، وهو إنجاز لم يتكرر حتى اليوم.
التميمي، الذي واصل مسيرته بعد ذلك مع المنتخب الأول بين عامي 1996 و2004، وخاض أكثر من مائة مباراة دولية، عبّر عن فخره بتلك المرحلة قائلاً: “كنا أول منتخب قطري للناشئين يصل إلى هذه المرحلة المتقدمة من المونديال، وكان ذلك مصدر فخر كبير لنا جميعاً. لا يمكن وصف حجم الفرحة التي عمت البلاد حينها، فقد كانت تلك اللحظة بداية حقيقية لمسيرتي الكروية”.
جيل جديد على خطى الأبطال
ويأمل المنتخب القطري للناشئين، بقيادة جيل جديد من اللاعبين الموهوبين، في تكرار أمجاد الماضي حين يشارك في بطولة قطر 2025، التي أسفرت قرعتها عن تواجد العنابي في المجموعة الأولى إلى جانب منتخبات إيطاليا وجنوب أفريقيا وبوليفيا.
وسيستهل المنتخب القطري مشواره في البطولة بمواجهة قوية أمام منتخب إيطاليا يوم 3 نوفمبر عند الساعة 6:45 مساءً، في افتتاح المنافسات التي ستشهد إقامة جميع المباريات وعددها 104 مباراة داخل مجمع المسابقات في منطقة أسباير زون، بمعدل ثماني مباريات يومياً عبر مختلف مراحل البطولة.
ويُنتظر أن يحتضن استاد خليفة الدولي المباراة النهائية في 27 نوفمبر عند الساعة السابعة مساءً، في ختام الحدث العالمي الكبير.
الدوحة.. عاصمة للكرة العالمية مجدداً
ولا تتوقف أجندة كرة القدم في قطر عند بطولة الناشئين، إذ تستعد البلاد لاحتضان سلسلة من الأحداث الكروية الكبرى في الفترة المقبلة، من بينها كأس العرب وكأس العالم للأندية للقارات التي ستقام في ديسمبر المقبل، بمشاركة نخبة من أبطال القارات.
وأعلنت اللجنة المحلية المنظمة للبطولة، بالتعاون مع الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، أن قطر ستستضيف المباريات الثلاث الختامية من هذه البطولة العالمية لتحديد أفضل نادٍ في العالم لعام 2025، لتواصل الدولة ترسيخ مكانتها كعاصمة للرياضة العالمية.
وبحسب اللجنة المنظمة، ستقام ثلاث مباريات كبرى ضمن البطولة: المباراة الأولى يوم 10 ديسمبر بعنوان “كأس ديربي الأمريكتين”، والتي ستجمع بين بطل دوري أبطال الكونكاكاف كروز أزول المكسيكي وبطل كأس ليبرتادوريس 2025.
والفائز من هذه المواجهة سيواجه نادي بيراميدز المصري يوم 13 ديسمبر في مباراة كأس التحدي، على أن يلتقي المنتصر في هذه المواجهة مع باريس سان جيرمان، بطل دوري أبطال أوروبا، يوم 17 ديسمبر على لقب كأس العالم للقارات.
وتُعد هذه النسخة امتداداً لسلسلة النجاحات التنظيمية التي حققتها قطر في استضافة البطولات السابقة، حيث نظمت البطولة السنوية للأندية ثلاث مرات أعوام 2019 و2020 و2024، وشهدت النسخة الأخيرة تتويج ريال مدريد باللقب في استاد لوسيل الأيقوني، الذي احتضن النهائي التاريخي لكأس العالم 2022.
وبينما تتأهب الدوحة لاستقبال نخبة المواهب في نوفمبر، وأبطال القارات في ديسمبر، تواصل قطر ترسيخ صورتها كموطنٍ للأحداث الرياضية الكبرى، ومركزٍ عالمي يجمع بين الإبداع التنظيمي والطموح الرياضي، في مشهد يختزل مسيرة طويلة من العمل والإنجاز، عنوانها الدائم: قطر.. وجهة العالم في كرة القدم.