الريدز نجحوا في طمأنة جماهيرهم نسبيًا بعد سلسلة سلبية
كسب المدرب الهولندي، آرني سلوت، رهانه أمام أستون فيلا، بعدما اتخذ قرارات حاسمة أعادت التوازن إلى صفوف ليفربول، ليقود الفريق لتحقيق فوز مهم في الدوري الإنجليزي الممتاز (2-0)، أعاد الأمل إلى جماهير “أنفيلد”، بعد سلسلة من النتائج السلبية التي أثارت القلق.
ووفقًا لصحيفة “ذا أتلتيك” البريطانية، كان مشهد الهتافات باسم سلوت قبل صافرة النهاية كافيًا، ليعكس حجم الدعم والثقة التي بات يحظى بها المدرب من جماهير ليفربول، التي شعرت أن فريقها بدأ يستعيد ملامح شخصيته القوية من جديد، خصوصًا بعد الهدف الثاني الذي سجله ريان جرافينبيرخ، مطلع الشوط الثاني، ليؤكد الانتصار أمام فيلا.
لكن اللحظة الأهم بالنسبة لسلوت لم تكن في الأهداف، بل في منتصف الشوط الأول عندما كانت النتيجة سلبية، وأضاع دومينيك سوبوسلاي فرصة ثمينة أمام الحارس إيميليانو مارتينيز.
حينها، كان من الممكن أن يسود الصمت أو الغضب، إلا أن جماهير “أنفيلد” ردّت بتشجيعٍ صاخب دعمًا لمدربها وفريقها.
إحدى اللافتات رفعت شعار “الاتحاد قوة”، وهو ما شعر به سلوت بوضوح، إذ قال بعد اللقاء: “حين يمر نادٍ بفترة صعبة ثم ترى هذا الدعم، تدرك أنك في مكانٍ مميز. هذا النادي لا ينسى من يعمل من أجله، والجماهير دائمًا تقف بجانب الفريق عندما تكون الأوقات صعبة”.
رصيد الثقة
ورغم الضغوط الأخيرة، يحتفظ سلوت برصيد مهم من الثقة، نتيجة ما أنجزه في موسمه الأول، بعدما قاد ليفربول إلى لقب الدوري العشرين في تاريخه، متجاوزًا كل التوقعات.
الانتقادات الأخيرة كانت نتيجة أربع هزائم متتالية في الدوري الإنجليزي، عطلت مسيرة الدفاع عن اللقب، لكنها لم تؤثر على ثقة الإدارة التي تفهمت الظروف الصعبة، من وفاة ديوجو جوتا المفاجئة إلى إدماج صفقات جديدة، والتعامل مع إصابات متكررة في مراكز مؤثرة.
ومع ذلك، كان على سلوت أن يتخذ قرارات جريئة، فاختار التضحية بمباراة كأس الرابطة أمام كريستال بالاس، بإراحة عدد من الأساسيين، ما أسفر عن خسارة قاسية 0-3.
هذا القرار زاد من حدة الضغط عليه قبل مواجهة أستون فيلا، لكنه نجح في تحويل التحدي إلى فرصة، بعدما أثبت فوزه أن قراءته للموقف كانت صائبة.
ويعرف سلوت أن ليفربول يمر بمرحلة حرجة في جدول الترتيب، إذ يطارد آرسنال المتصدر بفارق سبع نقاط، لكن الفوز الأخير أعاد الثقة إلى المجموعة، ومنح اللاعبين دفعة جديدة نحو تصحيح المسار.
تحسن الدفاع
والأهم أنه جاء مصحوبًا بتحسن دفاعي واضح، إذ منح سلوت الظهير أندي روبرتسون أول مشاركة أساسية له هذا الموسم، ليقدم أداءً متزنًا ساعد الفريق على الحفاظ على نظافة شباكه، لأول مرة منذ 11 مباراة متتالية.
ووفق إحصاءات “أوبتا”، لم يخلق أستون فيلا أي فرصة محققة خلال اللقاء، واكتفى بمعدل “أهداف متوقعة” لم يتجاوز 0.41.
كما ظهر الثنائي فيرجيل فان دايك وإبراهيما كوناتي أكثر استقرارًا، بوجود روبرتسون إلى جانبهما، كما قدم كونور برادلي أداءً مميزًا بعد بداية متوترة، مؤكدًا أنه بدأ يستعيد جاهزيته البدنية بعد فترة طويلة من التراجع.
وبفضل صموده، تجنّب سلوت نقل سوبوسلاي إلى مركز الظهير الأيمن، وهو ما سمح للاعب المجري بالبقاء في موقعه الطبيعي في الوسط، وتقديم مباراة قوية بدنيًا وفنيًا، حيث ساهم في الضغط واستعادة الكرة باستمرار.
عودة ريان جرافينبيرخ من الإصابة كانت مكسبًا مهمًا أيضًا، إذ فاز بستة التحامات وسجل هدفًا مؤكدًا، بينما شارك أليكسيس ماك أليستر لـ90 دقيقة كاملة، لأول مرة منذ أشهر، في إشارة إلى تحسن جاهزيته البدنية.
وبعد أن سجل أربعة أهداف فقط في أول 87 مباراة له مع النادي، رفع جرافينبيرخ رصيده إلى ثلاثة أهداف في آخر عشر مباريات، وهو ما يعكس تطوره الكبير في الثلث الأخير من الملعب.
الهجوم
أما في الخط الأمامي، فقد قدّم محمد صلاح أفضل أداء شامل له هذا الموسم. لم يقتصر الأمر على التسجيل للمباراة الثانية على التوالي في البريميرليج، بل ظهر أكثر حيوية وانسجامًا مع زملائه، وكان مصدر خطر دائم على مرمى الخصم.
وتفوق صلاح بوضوح على الظهير لوكاس دين، ونجح في تسجيل هدفه رقم 250 مع ليفربول، ليصبح ثالث لاعب في تاريخ النادي يصل إلى هذا الرقم، بعد إيان راش وروجر هنت.
وأشاد سلوت به قائلاً: “إنه إنجاز استثنائي، والأجمل أنه لم يقتصر على التسجيل فقط، بل كان يساعد زملاءه دفاعيًا أيضًا”.
أما الفرنسي هوجو إكيتيكي، فرغم صعوبة المباراة عليه وقلة لمسه للكرة، فقد أظهر التزامًا واضحًا في الضغط دون كرة، وروحًا قتالية عالية.
ومع اقتراب نهاية المباراة، صدحت مدرجات “أنفيلد” بأغنية “ثري ليتل بيردز” الشهيرة لبوب مارلي، في مشهد رمزي أعاد الأجواء المليئة بالأمل، التي عرفها النادي في بدايات عهد يورجن كلوب.
والآن، يدخل ليفربول مرحلة مفصلية بمباراتين من العيار الثقيل، أمام ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا، ثم مانشستر سيتي في الدوري المحلي.
ورغم صعوبة التحديين، فإن سلوت يملك الآن ما يكفي من الثقة والانسجام في فريقه، للبناء على هذا الفوز الذي قد يشكل نقطة انطلاق جديدة.