إصابة بالسل تفعّل إجراءات الطوارئ في “كامب نو”

BySayed

نوفمبر 5, 2025


تحقيق رسمي بعد إصابة أحد عمال مشروع تجديد ملعب برشلونة

اتخذت السلطات الصحية في برشلونة إجراءات عاجلة بعد تسجيل حالة إصابة بمرض السل لدى أحد العمال المشاركين في مشروع إعادة تأهيل ملعب “سبوتيفاي كامب نو”، وسط تحركات سريعة للحد من أي احتمال لانتقال العدوى بين بقية العاملين في الموقع.

وأكدت الجهات الرسمية أن الحالة تحت السيطرة، في حين تم تفعيل جميع البروتوكولات الوقائية المعتمدة بشكل فوري.

ووفقا لصحيفة “موندو ديبورتيفو” الإسبانية، أوضحت مصادر من شركة “ليماك” التركية، المسؤولة عن تنفيذ الأعمال الإنشائية في الملعب، أن جميع الفحوصات التي أُجريت حتى الآن جاءت نتائجها سلبية، مما يستبعد وجود أي بؤرة عدوى في موقع العمل.

وأضافت الشركة أن العامل المصاب تم سحبه فورا من المشروع فور اكتشاف حالته، وأنه يتلقى حاليا علاجا طبيا متخصصا، مشددة على أن الوضع “يبقى حالة معزولة” ولا يدعو إلى القلق.

وقالت “ليماك” في تصريحاتها إن جميع البروتوكولات الصحية تم تفعيلها على الفور، مع تنفيذ عمليات فحص شاملة ومتابعة دقيقة لجميع الأشخاص الذين قد يكونون خالطوا المصاب، مشيرة إلى أن “النتائج جاءت جميعها سلبية، وهو ما يؤكد عدم تفشي المرض”.

كما أكدت الشركة أنها نفذت إجراءات تطهير وتعقيم واسعة في المنطقة المتأثرة، شملت توزيع الكمامات على العمال وتنظيف جميع المساحات المحددة بدقة.

وأضافت أن كل الخطوات تمت بالتنسيق الكامل مع خدمات الوقاية والخدمات الطبية والسلطات الصحية، التي رأت أنه لا حاجة حاليا لاتخاذ تدابير إضافية، مع استمرار العمل في الموقع بشكل طبيعي مع الالتزام بإرشادات النظافة والتهوية المعتادة.

وفي السياق ذاته، ذكرت صحيفة “إل باييس” الإسبانية أن وكالة الصحة العامة في برشلونة بدأت تحقيقا رسميا بعد تأكيد إصابة العامل بالسل أثناء عمله في مشروع تجديد “سبوتيفاي كامب نو”.

وأوضحت الصحيفة أن العامل المصاب يخضع للعلاج الطبي اللازم، وأن السلطات فعّلت بروتوكولات المراقبة والوقاية لتفادي أي حالات عدوى جديدة.

تحت المراقبة

وبحسب المعلومات التي نشرتها الصحيفة، فقد حددت وكالة الصحة العامة في برشلونة 23 شخصا ممن كانوا على تواصل مباشر مع المصاب، إضافة إلى وضع ثلاثة أشخاص آخرين تحت المراقبة الصحية. وحتى الآن، لا تعتبر الوكالة أن هناك “بؤرة عدوى”، لأن تعريف ذلك يتطلب وجود حالتين على الأقل مرتبطتين ببعضهما بشكل مباشر.

يُذكر أن مرض السل يُعد من الأمراض المعدية الخطيرة، وينتج عن بكتيريا تنتقل عبر الهواء من خلال الرذاذ الناتج عن السعال أو العطس أو حتى التحدث.

ويصيب السل عادةً الرئتين، لكنه قد يؤثر أيضا على أعضاء أخرى في الجسم. ورغم تراجع معدلات الإصابة به في إسبانيا خلال السنوات الأخيرة، يؤكد الخبراء أهمية التشخيص المبكر واستكمال العلاج بالكامل لتجنب العدوى، حيث تشير الإحصاءات إلى أن 85% من المرضى يتعافون بعد علاج يستمر 6 أشهر، إلا أن طول مدة العلاج قد يصعّب عملية السيطرة على العدوى.

وتأتي هذه الحادثة في ظل سلسلة من التحديات التي تواجه أعمال بناء “سبوتيفاي كامب نو”، إذ شهد موقع المشروع يوم الثلاثاء الماضي احتجاجات لما يقرب من خمسين شخصاً بعد تسريح نحو 50 عاملاً من قبل شركتي “إكستريم ووركس” و”ليماك”، اللتين تتوليان تنفيذ الأعمال الإنشائية الخاصة بالملعب.

ورغم هذه الأحداث، يعتزم نادي برشلونة المضي قدماً في خططه لافتتاح الملعب يوم الجمعة المقبل، حيث سيُقام تدريب مفتوح أمام الجماهير بسعة تصل إلى 23 ألف متفرج.

وقد أعلن النادي الكتالوني أن التذاكر نفدت بالكامل، معرباً عن أمله في إقامة هذا الحدث كما هو مخطط له دون أي تأجيل.

تاريخ كامب نو

يُعتبر ملعب “كامب نو” أحد أبرز المعالم الرياضية في العالم، ليس فقط لكونه الملعب الرسمي لنادي برشلونة، بل لأنه أصبح رمزًا كرويًا وثقافيًا يعكس هوية المدينة الكتالونية.

وقد افتُتح الملعب رسميًا في 24 سبتمبر/ أيلول 1957 بمباراة ودية جمعت برشلونة مع فريق ليجا وارسو البولندي، وشهد حضورا جماهيريا هائلا آنذاك، ليبدأ مسيرة طويلة ارتبطت بالإنجازات والذكريات الخالدة.

وتعود فكرة إنشاء الملعب إلى خمسينيات القرن الماضي، حين شعر مسؤولو برشلونة أن ملعب “ليس كورتس”، الذي كان يحتضن مباريات الفريق، لم يعد قادرا على استيعاب الأعداد المتزايدة من الجماهير.

وجاء قرار بناء “كامب نو” ليكون مشروعًا عملاقًا يليق بالنادي الذي كان يتوسع رياضيًا وجماهيريًا.

وبالفعل، استغرق البناء 3 سنوات بتكلفة ضخمة في ذلك الوقت، بلغت حوالي 288 مليون بيزيتا إسبانية.

ومنذ افتتاحه، احتضن الملعب العديد من المناسبات الكبرى، أبرزها نهائي دوري أبطال أوروبا عام 1999 بين مانشستر يونايتد وبايرن ميونخ، الذي اعتُبر من أكثر النهائيات إثارة في التاريخ بعد ريمونتادا الشياطين الحمر في اللحظات الأخيرة.

وكان كامب نو مسرحًا لمباريات كأس العالم 1982 في إسبانيا، بالإضافة لاستضافته لمنافسات كرة القدم في أولمبياد برشلونة 1992.

وعلى صعيد برشلونة، ارتبط “كامب نو” بمسيرة أسطورية لعدد من أعظم لاعبي كرة القدم، مثل يوهان كرويف، ودييجو مارادونا، ورونالدينيو، وليونيل ميسي، الذين خطفوا الأضواء على أرضيته عبر عقود مختلفة.

وقد أصبح الملعب شاهدًا على الإنجازات المحلية والأوروبية للنادي، خصوصًا في حقبة المدرب بيب جوارديولا، حين قاد الفريق لتحقيق ثلاثية تاريخية عام 2009.

ويُعرف “كامب نو” أيضًا بسعته الجماهيرية الهائلة، حيث تجاوزت في بعض الفترات حاجز 120 ألف متفرج قبل أن تُخفض لاحقًا إلى نحو 99 ألفًا لأسباب تتعلق بالسلامة.

ورغم ذلك، ظل الأكبر في أوروبا وواحدًا من أكثر الملاعب امتلاءً بالجماهير في مختلف المواسم، إذ يُعتبر بالنسبة للمشجعين الكتالونيين مكانا مقدسا يجمع بين الرياضة والانتماء.

وعلى مر العقود، لم يكن “كامب نو” مجرد ملعب لكرة القدم، بل أصبح منصة للتعبير عن الهوية الكتالونية، خصوصًا في فترات الجراك الاجتماعي.

وكان المدرج الجنوبي للملعب، المعروف باسم “جول سود”، رمزًا لتجمع الجماهير المتحمسة، التي لا تكف عن الهتافات والأغاني الداعمة للنادي.

اليوم، مع مشروع إعادة التحديث والتطوير الجاري، يسعى برشلونة إلى تحويل “كامب نو” إلى تحفة معمارية حديثة تواكب متطلبات كرة القدم العصرية، مع زيادة في عدد المقاعد وتطوير المرافق لتقديم تجربة استثنائية للجماهير.



المصدر – كوورة

By Sayed