يتأهب الإسباني بيب جوارديولا، مدرب مانشستر سيتي، للانضمام إلى قائمة مميزة، حيث يستعد لخوض مباراته رقم 1000 في مسيرته التدريبية أمام ليفربول في الدوري الانجليزي الممتاز.
ويستقبل مانشستر سيتي، نظيره ليفربول، غدًا الأحد، على ملعب الاتحاد، في قمة لقاءات الجولة 11 للبريميرليج.
ويحتل مانشستر سيتي المركز الثاني في جدول ترتيب الدوري الانجليزي برصيد 19 نقطة، فيما يحتل ليفربول المركز الرابع برصيد 18 نقطة.
وقال بيب جوارديولا، في تصريحات نشرتها شبكة “سكاي سبورت”: “السير أليكس فيرجسون الرجل المثالي، أليس كذلك؟ كل شئ يبدأ من عند السير أليكس”.
وأضاف: “نحن جئنا بعده، التأثير الذي أحدثه مع مانشستر يونايتد واضح، لكن كرة القدم الإنجليزية كانت هائلة”.
وعن مواجهته مع برشلونة في نهائيي أوروبا 2009 و2011، قال: “كنت في برشلونة والتقينا، لم يكن ذلك ممكنًا في مانشستر سيتي، كنت أبلغ 37 أو 38 عامًا وكان بالفعل معلم بارز في عالم كرة القدم وعاملني باحترام كبير ومذهل”.
وتابع: “عندما تمتلك شخصية قوية في نادي مثل مانشستر يونايتد، فهذا يساعد النادي على أن يكون أفضل وأكبر”.
وأكمل: “للأسف لم نتمكن من منافسة بعضنا البعض هنا في الدوري الإنجليزي، لأنني أصغر منه سنًا، ولكن بطريقة أو بأخرى التقينا وأتمنى له كل التوفيق”.
وعن إمكانية إدارة 1000 مباراة أخرى، قال: “انتظر يا صديقي، لا أعرف ماذا سيحدث، لو سألتني الآن، لن يحدث وهذا هو شعوري لأن الحياة جميلة جدًا لكنها ليست كما لو كنت في العشرين من عمرك”.
وواصل: “أرغب في القيام بالكثير من الأشياء، ليس فقط المشاركة في مباراة كل ثلاث أيام أو عقد مؤتمرات صحفية قبلها وبعدها أو التعامل مع اللاعبين أو تحمل الضغط، هناك أشياء أخرى أرغب في الاستمتاع بها في الحياة”.
وعن أمنياته بعد التوقف عن التدريب، قال: “أريد أن أبدأ في تعلم الطبخ، لا مطاعم، أريد دراسة اللغة الفرنسية، أقضي وقتًا أطول مع أطفالي لأن في هذا العالم لا أتفاعل كثيرًا، مع عائلتي أكثر، لا أتواصل مع أخواتي ولا أراهم، أشياء كثير لم أفعلها، أريد السفر إلى آلاف الأماكن التي لم أزرها، أريد زيارتها، هناك معارض وحفلات موسيقية أو البقاء في المنزل دون عمل، هذا أمر جيد حقًا”.
مواجهة ليفربول
وظهر جوارديولا أمام وسائل الإعلام في مؤتمرٍ صحفي، عقده أمس الجمعة، للحديث عن استعدادات فريقه لمواجهة ليفربول يوم الأحد المقبل.
وقبل مباراته رقم 1000 في مسيرته التدريبية، أكد جوارديولا: “ليفربول هو المنافس الأكبر لنا في إنجلترا، وذلك منذ وصولي إلى السيتي عام 2016”.
وأضاف: “أظن أننا دفعنا ليفربول إلى مستوى أفضل، وهم فعلوا الشيء نفسه معنا. هذا مؤكد”.
واستعاد جوارديولا ذكريات منافسته مع ليفربول في عهد مدربه السابق يورجن كلوب، قائلا: “ما حدث معه يؤكد أنها كانت المنافسة الأكبر، وربما بعد موسمي الأول أصبحت المنافسة بيننا، وقد استمتعت حقًا بها”.
وتابع: “كان لدي شعور دائم بمدى احترامنا المتبادل، فيورجن منحني الكثير، وأنا أفتقده، فقد كان يجعلني أبذل قصارى جهدي لمحاولة الفوز عليه”.
وقال: “على مدار هذه الرحلة، حاولت أن أجعل فِرَقي تلعب بالطريقة التي أريدها، ولم أخن إحساسي والتزامي بهذا النهج، لكني تعلمت الكثير وغيّرت كثيرًا من الأمور”.
وأردف: “أحاول دائمًا إنهاء المباراة بقتل الخصم، لكني غيّرت العديد من أفكاري نظرًا لاختلاف اللاعبين”.
وعن المباراة المفضلة لديه في مسيرته، قال: “لا يمكنني اختيار واحدة، فهناك مباريات أحمل منها ذكريات جميلة، وأخرى سيئة أيضًا”.
أما عن شعوره في أول مباراة له كمدرب، فقال بيب: “كنت متوترًا، أكثر قلقًا مما أنا عليه الآن، أو لأكون صادقًا، ربما لا أتذكر جيدًا، فتلك اللحظة مرّ عليها وقت طويل”.
وبسؤاله عن رأيه في سباق التتويج باللقب هذا الموسم، أجاب: “كل ما يمكننا فعله هو الفوز بمبارياتنا والاقتراب أكثر، بينما سيكون لزامًا على آرسنال القدوم لمواجهتنا هنا”.
وأثنى جوارديولا على نهج آرسنال، قائلًا: “إنهم يبنون ناديًا وفريقًا منذ سنوات، وقاموا بعملٍ استثنائي في آخر 3 مواسم، لكننا ما زلنا في بدايات نوفمبر/تشرين الثاني، ولا يوجد فريق يتوّج باللقب في هذا الوقت المبكر”.
وتطرّق المدرب الإسباني إلى حالة مواطنه رودري، الذي تعرّض لإصابة في وقت سابق، قائلا: “سنرى مدى جاهزيته غدًا، لكن على الأرجح لن نجازف به قبل فترة التوقف الدولي”.
وأضاف: “ما زلنا في نوفمبر، والجزء الأكبر من الموسم لم يأتِ بعد، وسنحتاجه حينها. ورغم حاجتنا إلى عودته، فإن نيكو (جونزاليس) أصبح الآن لاعبًا مهمًا حقًا”.
ويرى مدرب السيتي أن فوز فريقه في آخر ثلاث مباريات ساعده على التحسن بشكل أكبر مما مضى.
عبقرية صنعت ثورة
يُعَدّ بيب جوارديولا أحد أعظم المدربين في تاريخ كرة القدم، بفضل فكره التكتيكي المتطور وإنجازاته الباهرة مع كل نادٍ درّبه.
منذ بدايته مع برشلونة عام 2008، غيّر الإسباني شكل اللعبة بأسلوبه الفريد القائم على الاستحواذ، الضغط العالي، والتمرير السريع الذي أطلق عليه العالم اسم “التيكي تاكا”.
قاد جوارديولا برشلونة إلى فترةٍ ذهبية غير مسبوقة، حقق خلالها 14 لقبًا في 4 مواسم، من بينها دوري أبطال أوروبا مرتين (2009 و2011) والدوري الإسباني 3 مرات، حيث كان فريقه بقيادة ليونيل ميسي وتشافي هرنانديز وأندريس إنييستا نموذجًا لكرة القدم الشاملة الحديثة، وأحد أكثر الفرق إبهارًا في التاريخ.
وبعد تجربة ناجحة في بايرن ميونخ بين عامي 2013 و2016، أحرز خلالها 3 ألقاب دوري ألماني متتالية وطور أداء الفريق تكتيكيًا رغم الإخفاق الأوروبي، انتقل جوارديولا إلى مانشستر سيتي ليبدأ مشروعًا طويل الأمد غيّر ملامح الكرة الإنجليزية.
مع السيتي، أسس جوارديولا منظومة جماعية تعتمد على التمرير المنهجي والبناء من الخلف، مع إعادة تعريف لأدوار اللاعبين داخل الملعب.
حوّل بيب الأظهرة إلى لاعبي وسط إضافيين، وطوّر مفاهيم جديدة مثل “المهاجم الوهمي”، و”المساحة الثالثة”، ليصبح مانشستر سيتي تحت قيادته فريقًا يُسيطر على كل تفاصيل المباراة.
وقاد جوارديولا السيتزنز لتحقيق 6 ألقاب في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال 9 سنوات، إضافة إلى دوري أبطال أوروبا 2023 لأول مرة في تاريخ النادي، وثلاثية تاريخية شملت الدوري والكأس ودوري الأبطال في الموسم نفسه.
كما فاز بكأس السوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية، لترتفع حصيلته الإجمالية إلى أكثر من 35 لقبًا كمدرب.
بعيدًا عن الأرقام، يُعد جوارديولا رمزًا للتجديد والإبداع المستمر، لا يتوقف عن التجربة والتطوير، مؤمنًا بأن “التحكم بالكرة هو أفضل وسيلة للدفاع”.
ورغم الانتقادات أحيانًا لأسلوبه المعقد، يبقى تأثيره على كرة القدم العصرية عميقًا، إذ ألهم أجيالًا من المدربين حول العالم.
مسيرة بيب جوارديولا مع مانشستر سيتي ليست مجرد نجاحٍ رياضي، بل ثورة فكرية جعلت من التكتيك فنًا، ومن كرة القدم علمًا متجددًا، يثبت من خلالها أنه أحد أعظم العقول التي مرت بتاريخ اللعبة.