رغم أن البدايات كانت مثيرة للجدل ومليئة بالتشكيك، إلا أن الحكاية اليوم تُروى بصيغة مختلفة تمامًا، فالأسماء التي قيل عنها إنها تبحث عن “مخرجٍ ناعم” من كرة القدم، تحوّلت إلى رموزٍ للمشروع السعودي، وقادة لمعركة التغيير التي بدلت وجه اللعبة في الشرق الأوسط.
بقيادة كريستيانو رونالدو ورياض محرز، لم يعد الأمر مجرد تجربة احترافية عابرة، بل ملحمة مستمرة للعام الثالث على التوالي، تُكتب فصولها في الملاعب السعودية، حيث يتجدد الشغف، وتُعاد صياغة القواعد القديمة.
هؤلاء الذين آمنوا بالفكرة قبل أن تكتمل ملامحها، صاروا اليوم عنوانها الأكبر، ودليلها الأقوى على أن المجد لا يُمنح، بل يُنتزع بالإصرار والإيمان.
صفقة خيالية
بدأ المشروع السعودي لاستقطاب نجوم الكرة العالمية، بتعاقد النصر مع رونالدو في يناير/كانون ثان 2023، فالبعض كان لا يصدق أن النجم البرتغالي سينضم لصفوف دوري روشن، كونه أحد أعظم اللاعبين في التاريخ.
رونالدو آمن بالمشروع السعودي، بل وقدم وعدًا للجماهير بأن هناك العديد من النجوم الذين سيلحقون به، وهو ما جعل أغلب التوقعات تشير إلى أن النجم البرتغالي يقوم بتبرير خطوته.
لكن سرعان ما تحققت نبوءة رونالدو بعد أقل من 6 أشهر فقط، بسلسلة من التعاقدات التاريخية للأندية السعودية كافة.
مشروع تاريخي
كان صيف 2023 نقطة تحوّل في تاريخ كرة القدم السعودية، موسمًا لا يشبه ما قبله، حين قررت الأندية الكبرى أن تقلب موازين السوق وتعيد رسم خريطة النجوم على طريقتها الخاصة.
لم يعد “دوري روشن” مجرد بطولة عادية، بل تحوّل إلى وجهة عالمية تتسابق إليها الأسماء اللامعة من القارات الخمس.
في الهلال، كانت البداية مع وصول النجم البرازيلي نيمار جونيور، الذي ودّع باريس سان جيرمان ليبدأ فصلًا جديدًا في الرياض.
انتقال نيمار لم يكن مجرد صفقة، بل كان إعلانًا صريحًا بأن السعودية دخلت عالم النخبة الكروية بكل ثقة، مستعدة لأن تنافس أوروبا على العناوين والأضواء.
كذلك، ضم الهلال مجموعة من اللاعبين الكبار، وعلى رأسهم البرتغالي روبن نيفيز والصربيين سيرجي سافيتش وألكسندر ميتروفيتش، بجانب السنغالي كاليدو كوليبالي والحارس المغربي ياسين بونو.
لكن الزلزال الحقيقي جاء من جدة، حين قدّم الاتحاد ثنائيًا ناريًا من الطراز الأول: كريم بنزيما، الحائز على الكرة الذهبية، ورفيقه في الوسط نجولو كانتي، المقاتل الفرنسي الذي اعتاد رفع الكؤوس في كل محطة له. كان وصولهما بمثابة رسالة قوية بأن “العميد” لا يكتفي بالمجد المحلي، بل يطمع في كتابة فصل عالمي جديد.
لكن الزلزال الحقيقي جاء من جدة، حين قدّم الاتحاد ثنائيًا ناريًا من الطراز الأول، متمثل في الفرنسي كريم بنزيما، الحائز على الكرة الذهبية، ومواطنه في الوسط نجولو كانتي، الذي اعتاد رفع الكؤوس في كل محطة له.
في المقابل، لم يكن الأهلي أقل طموحًا، حيث عاد “الراقي” إلى دوري الأضواء بصوتٍ مدوٍ عندما أعلن عن التعاقد مع النجم الجزائري رياض محرز، البرازيلي روبرتو فيرمينو، السنغالي إدوارد ميندي، والثنائي الدفاعي ميريح ديميرال وروجيه إيبانيز
وانضم للاتفاق الثنائي الذي صنع تاريخًا كبيرًا في ليفربول وهما، جوردان هندرسون وجورجينو فينالدوم.
قادة المشروع
تم وصف هذه المجموعة بقادة المشروع السعودي الطويل الذي يهدف لمقارعة الدوريات العالمية.
لكن بعد مرور موسمين ونصف تقريبًا، ظهرت الرؤية بشكل واضح، فيما يتعلق بالقادة الحقيقيين للمشروع، من خلال استمرارهم في المسابقة بتقديم مستويات لافتة وتحقيق الأرقام القياسية.
رونالدو هو القائد الأول للمشروع والأكثر شغفًا من دون أدنى شك، بفضل مستوياته الفردية المذهلة وتسجيل الأهداف بصورة مستمرة، ولكنه غائب حتى هذه اللحظة عن الألقاب.
رباعي الهلال المتمثل في بونو وكوليبالي وسافيتش ونيفيز، هم أحد الأعمدة الرئيسية للمشروع باستمرارهم في كتابة التاريخ مع الزعيم على المستويين المحلي والقاري.
وفي الأهلي، يستمر ميندي وديميرال وإيبانيز ومحرز في تقديم المستويات المذهلة، كأحد أهم القادة في المشروع العالمي.
وفي الاتحاد، يواصل كانتي تقديم نفسه بأفضل صورة ممكنة، بالإضافة لحجز اسمه في منتخب فرنسا بين نجوم الأندية الأوروبية، وهو نفس الحال لزميله فابينيو الذي عاد لمنتخب البرازيل..
وتمكن فينالدوم من مجاورة هؤلاء النجوم، بفضل استمراره في المشروع للموسم الثالث تواليًا، وتقديم مستويات لافتة مع “الكوماندوز”.
وحتى مع قدوم بعض الأسماء الجديد، يظل هؤلاء النجوم هم الأبرز في المسابقة، ليبرهنوا على القدرات الكبيرة التي يمتلكونها.
سقوط مفاجئ
شهد المشروع المثير، سقوط العديد من الأسماء العالمية التي كان متوقعًا لها أن تحقق الكثير من الإنجازات بقيادة نيمار الذي رحل بسبب الإصابات المستمرة.
كذلك، رحل هندرسون بعد أقل من 6 أشهر، لأنه لم يتحمل الطقس الحار في المملكة، بالإضافة لتذبذب مستوى بنزيما.
صحيح أن “البنز” كان النجم الأبرز في الموسم الماضي، ولكنه كان كارثيًا في أول مواسمه، ويعاني هذا الموسم من تذبذب واضح، رغم استمراره في المشروع.
ورحل فيرمينو بعد موسمين مع الأهلي، حيث عانى خلالهما من انتقادات لا تتوقف، لينضم إلى السد القطري في الصيف الأخير، ليسقط من المشروع.