أفاد تقرير صحفي إسباني، اليوم الأربعاء، بأن إدارة نادي ريال مدريد قررت تغيير اسم ملعب سانتياجو برنابيو، معقل الفريق الملكي.
ومن المقرر أن يتوقف ملعب سانتياجو برنابيو في نهاية هذا الأسبوع عن كونه ملعبًا لكرة القدم فقط، حيث سيتحول إلى ملعب لدوري كرة القدم الأمريكية للمحترفين (NFL)، ليصبح ملعبا متعدد الأغراض.
وبحسب صحيفة “موندو ديبورتيفو” الإسبانية، لهذا السبب قررت إدارة ريال مدريد اقتراح تسمية جديد للملعب، والذي لن يكون من الآن فصاعدًا سانتياجو برنابيو، تكريما لرئيسه الأسطوري، بل سيُصبح “برنابيو” فقط.
ويُرافق هذا الاسم المختصر والأكثر عالمية شعار يعكس هيكل الملعب، ويُضفي عليه طابعًا عصريًا ومستقبليًا على غرار متحف جوجنهايم في بيلباو.
وهكذا، في كل مرة يُشير فيها ريال مدريد إلى ملعبه، سيفعل ذلك بهذه الطريقة، ويبقى أن نرى ما إذا كان فلورنتينو بيريز، رئيس النادي الملكي، سيُشير إليه أيضًا في خطاباته باسمه، أم سيُواصل ذكر اسم سلفه الأشهر في منصب الرئاسة.
معبد المجد الملكي الذي لا يشيخ
في قلب العاصمة الإسبانية مدريد، يقف ملعب سانتياجو برنابيو شامخًا كأحد أبرز رموز كرة القدم العالمية، ليس فقط كملعب لنادي ريال مدريد، بل كصرح رياضي وثقافي يعكس تاريخًا طويلًا من البطولات، والتجديد المستمر، والطموح الذي لا ينتهي.
تاريخ من الذهب والهيبة
افتُتح الملعب رسميًا في 14 ديسمبر/ كانون الأول من عام 1947، وكان يحمل في بدايته اسم “تشامارتين الجديد” قبل أن يُعاد تسميته تكريمًا للرئيس الأسطوري للنادي سانتياجو برنابيو، الذي كان وراء بناء المشروع وتحويل ريال مدريد إلى مؤسسة كروية عالمية.
ومنذ ذلك الحين، شهد البرنابيو لحظات صنعت التاريخ: من بطولات أوروبا الخمس المتتالية في الخمسينيات، إلى عودة أمجاد القرن الحادي والعشرين مع جيل “الجلاكتيكوس” وملوك دوري الأبطال.
التحفة المعمارية الحديثة
دخل البرنابيو في السنوات الأخيرة مرحلة جديدة من التطوير، تحوّله إلى ملعب للمستقبل.
وبدأ مشروع التجديد الشامل في 2019، بكلفة تجاوزت 900 مليون يورو، ليصبح أحد أكثر الملاعب تطورًا في العالم.
ويتميز الملعب الجديد بسقف متحرك يُغلق بالكامل في دقائق، وشاشات 360 درجة تحيط بالجماهير، وأرضية قابلة للسحب تتيح استخدام الملعب للعروض والحفلات، دون التأثير على جودة العشب الطبيعي.
هذا التصميم يجعل البرنابيو ليس فقط ملعب كرة قدم، بل مركزًا ترفيهيًا واقتصاديًا يمكن أن يعمل طوال العام، وهو ما يعكس رؤية فلورنتينو بيريز في جعل ريال مدريد ناديًا عالميًا بمعنى الكلمة.
ذكريات لا تُنسى على العشب الأخضر
من بين آلاف المباريات التي احتضنها البرنابيو، تظل بعض اللحظات خالدة في ذاكرة كرة القدم، في مقدمتها نهائي كأس العالم 1982 بين إيطاليا وألمانيا الغربية، و”الريمونتادات” التاريخية في دوري الأبطال أمام باريس سان جيرمان وتشيلسي ومانشستر سيتي في نسخة 2022.
ومن بين اللحظات التاريخية التي كان الملعب شاهدا عليها، مباريات الكلاسيكو النارية التي شهدت تألق نجوم مثل دي ستيفانو، زيدان، كريستيانو رونالدو، ومودريتش.
لذلك، يحمل كل ركن في المدرجات صدى الجماهير البيضاء وهي تهتف: “Hala Madrid!”، لتصبح الجدران نفسها شاهدة على أعظم قصص المجد.
البرنابيو الجديد.. وجه مدريد الحديث
لم يعد البرنابيو مجرد ملعب، بل أصبح معلمًا سياحيًا ومعماريًا يرمز لهوية مدريد الحديثة. تصميمه المعدني المستقبلي ينعكس على سماء العاصمة كقطعة فنية، بينما تظل روحه القديمة حاضرة بين صفوف الجماهير.
وفي زمن تسعى فيه الأندية لزيادة عائداتها من خلال التجربة الجماهيرية، يقدّم البرنابيو نموذجًا متكاملًا يوازن بين العراقة والحداثة.
نجمان جديدان في البرنابيو
حين تعاقد ريال مدريد مع كيليان مبابي، كانت الأنظار كلها تتجه إلى النجم الفرنسي باعتباره الحلقة المفقودة في مشروع الهيمنة الأوروبية الجديد.
وفي المقابل، كان أردا جولر يعيش وضعًا مختلفًا تمامًا؛ موهبة تركية فريدة، لكنها حبيسة دكة البدلاء خلال فترة كارلو أنشيلوتي.
قليلون فقط كانوا يعتقدون أن هذين المسارين المتناقضين سيلتقيان لاحقًا ليشكلا واحدًا من أنجح الثنائيات الهجومية في أوروبا تحت قيادة تشابي ألونسو.
مع بداية عهد ألونسو في ريال مدريد، تغير كل شيء. المدرب الإسباني الشاب، المعروف بدقته التكتيكية وقراءته العميقة للعبة، قرأ شخصية جولر ونجح في توظيفه لمصلحة المجموعة، حيث أدرك أنه ليس مجرد جناح شاب سريع أو لاعب موهوب يحتاج للوقت، بل صانع ألعاب نادر يمتلك تلك اللمسة التي تربط الخطوط وتمنح الهجوم حياة.
ألونسو منحه الفرصة التي حُرم منها في عهد أنشيلوتي، فوضعه خلف مبابي مباشرة، في قلب الملعب.
وظهرت النتائج بين الثنائي سريعًا، جولر بعقله السريع وقدرته على الرؤية بين الخطوط، بدأ يُغذي مبابي بكرات لم يكن يتلقاها من قبل.
ومنحت التمريرات الحاسمة في التوقيت المثالي، والقراءة الذكية لتحركات الفرنسي الذي يحب الانطلاق من الخلف نحو المساحات. شيئًا فشيئًا، فرصة لتحويل التعاون بينهما إلى لغة خاصة لا تُقرأ في الأرقام فقط، بل تُشاهد في تفاصيل اللعب.