يستعيد الفرنسي هيرفي رينارد المدير الفني للمنتخب السعودي ذكريات عمرها 10 سنوات، وذلك عندما يقود الأخضر في تجربة ودية ضد منتخب كوت ديفوار مساء اليوم الجمعة على ملعب “الإنماء” في جدة.
ويسعى رينارد للوصول بالمنتخب إلى أعلى مستوى من الجاهزية الفنية لخوض منافسات بطولة كأس العرب الشهر المُقبل في قطر، وكذلك كأس العالم صيف العام المُقبل بالولايات المتحدة وكندا والمكسيك.
ويحمل لقاء كوت ديفوار الودي، الكثير من المشاعر الخاصة بالنسبة للمدرب رينارد، الذي يعد أحد من كتبوا التاريخ بأحرف من ذهب مع الأفيال في الماضي القريب.
لقب غائب
وحقق منتخب كوت ديفوار لقب كأس أمم أفريقيا 3 مرات في تاريخه، آخرها العام الماضي، تحت قيادة المدرب الوطني الحالي إيمرس فاي، بينما كان اللقب الثاني قد تحقق مع رينارد وذلك في نسخة 2015 التي استضافتها غينيا الاستوائية.
في تلك النسخة دخل المنتخب الإيفواري بطموحات تعويض خسارة نسخة 2012، أمام زامبيا، والتي قادها أيضا المدرب نفسه رينارد، لتحقيق إنجاز لا يُنسى.
لكن مع اعتزال القائد ديدييه دروجبا، باتت الآمال معُلقة على ما يمكن أن يقدمه آخر حبات عقد هذا الجيل المميز لكوت ديفوار، فقد حمل لواء المنتخب الإيفواري مع رينارد، القائد يايا توريه نجم خط الوسط، ومعه بعض النجوم مثل شقيقه كولو توريه وسالمون كالو وماكس جرادل وشيخ تيوتي.
وبالفعل نجح منتخب “الأفيال” في الظفر باللقب الثمين، وبالسيناريو المُفضل لدى رينارد في حسم النهائيات، فمثلما فاز في قيادة زامبيا على كوت ديفوار بركلات الترجيح، فقد فاز أيضا مع المنتخب الإيفواري على غانا بالركلات الترجيحية.
لقب ثمين لكوت ديفوار وهو الأول منذ 1992، ليكلل مسيرة ليست طويلة لرينارد مع الأفيال، لكنه مؤثرة بلا شك، فقد تولى الفرنسي قيادة المنتخب الإيفواري في 18 مباراة فقط، حقق الفوز في نصفها، مقابل 5 تعادلات و4 هزائم.
تعديلات فنية
ولا يتعلق الأمر فقط باللقب القاري الثمين الذي أنهى صيام هذا الجيل الذهبي عن الإنجازات، فقد أجرى رينارد أيضا تعديلا على الشكل الفني للمنتخب، حيث تخلى عن تقاليده بالاعتماد على طريقة 4-3-3 المعتادة، ليلجأ إلى ثلاثي دفاعي لأول مرة في رحلته مع الأفيال.
ورأى رينارد في كولو توريه القدرة على القيام بدور المدافع المتأخر “الليبرو” بجانب الثنائي إيريك بايلي وويلفرد كانون، ما أعطى هذا المنتخب الصلابة الدفاعية التي مكنته من تخطي محطة تلو الأخرى في البطولة، فبعد التعادل مع غينيا 1-1، غيّر رينارد خطته على الفور واعتمد على طريقة 3-5-2 ضد مالي ثم 3-4-3 ضد الكاميرون، التي كانت بمثابة عقدة إيفوارية ولم يفز عليها رينارد مرتين في عهده، ليفوز في ثالث مباريات دور المجموعات 1-0 ويتأهل لدور الثمانية.
وفي ربع النهائي فاز الأفيال على الجزائر 3-1 وبنفس طريقة اللعب 3-4-3 التي استمرت في الفوز على الكونغو الديمقراطية بنصف النهائي 3-1 وعلى غانا في النهائي بركلات الترجيح “9-8” بعد التعادل السلبي.
ثوب البطل
وإذا كان رينارد لا يملك في مسيرته من الألقاب سوى بطولتي كأس الأمم الأفريقية – وهي المسابقة القارية صعبة المنال، وتشهد في كل نسخة تنافسا شرسا من قوى كبرى، وأحصنة سوداء سعيا للأميرة السمراء – فإنه الآن مع الأخضر السعودي يتطلع للمنافسة على لقب قريب، وهو كأس العرب.
تلك البطولة التي يرى كثيرون أن الفرنسي يجب أن يقاتل من أجل لقبها، خاصة أن التأهل عبر دور المُلحق الآسيوي، مازال يثير علامات عدم الرضا لدى العديد من النجوم السابقين، الذين يرون أنه ليس إنجازا بالنسبة لرينارد، وأنه كان يجب التأهل عن المرحلة السابقة، والمنافسة بشكل أكثر قوة مع أستراليا واليابان.
ومنذ فوزه بلقب أمم افريقيا مع كوت ديفوار قبل أكثر من 10 أعوام، لم يحقق رينارد أي بطولة في مسيرته التي كانت أغلبها على مستوى المنتخبات، حيث تولى تدريب ليل الفرنسي لفترة قصيرة، ثم انتقل لقيادة منتخب المغرب في 2016، لكن رغم التأهل للمونديال اصطدم بمجموعة صعبة في “روسيا 2018” ضمت البرتغال وإسبانيا وإيران، وفشل أسود الأطلس في التأهل.
ثم رحل إلى السعودية حيث قاد الأخضر صوب نهائيات “قطر 2022” وتحقق في عهده الفوز التاريخي على الأرجنتين 2-1 الذي يظل عالقا في الأذهان، وازدادت قيمته بعد تتويج رفقاء ليونيل ميسي باللقب في النهاية.
وبعد رحيله في مارس 2023 لتولى تدريب منتخب فرنسا للسيدات، حيث لم يحقق إنجازا بلغة الألقاب والبطولات أيضا، عاد من جديد إلى السعودية، بينما تترقب الأعين أن تكون هذه العودة مختلفة، ويصالح رينارد الأخضر على الألقاب بعد سنوات عجاف، والبداية من كأس العرب، على أمل أن يرتدي الصقور ثوب البطل هذه المرة.