كتب : محمد القرش
07:00 ص
16/11/2025
لم يعد الجناح الأيمن الكلاسيكي، الذي يلتصق بخط التماس ويعتمد على الانطلاقات السريعة، جزءًا أساسيًا من مشهد كرة القدم الحديثة.
فالتطور التكتيكي الكبير الذي شهدته اللعبة خلال السنوات الأخيرة أعاد تشكيل هذا الدور بالكامل.
ومع بروز الأجنحة المقلوبة، تغيّرت المهام والتوقعات. لم يعد المطلوب مجرد تجاوز الظهير وإرسال عرضيات، بل أصبح الجناح الأيمن عنصرًا محوريًا في صناعة اللعب وبناء الهجمات، وغالبًا ما يتحرك إلى عمق الملعب لاستغلال قدمه الأقوى والتأثير المباشر على مجريات المباراة.
وفي الوقت الذي ما زال فيه الجناح التقليدي يظهر بين الحين والآخر، فإن أبرز نجوم هذا المركز اليوم يجمعون بين المهارة، والذكاء التكتيكي، والفاعلية الهجومية، بما يتناسب مع متطلبات اللعبة الحديثة التي أصبحت أكثر سرعة وتعقيدًا.
1. لامين يامال – معجزة لا تنتظر العمر
بالنظر إلى سنه الصغير، قد يبدو من غير المنطقي أن يصل لامين يامال إلى هذا المستوى، لكن الواقع يقول عكس ذلك تمامًا.
لا يزال يامال مراهقًا، لكنه أصبح بالفعل نجمًا محوريًا في برشلونة والمنتخب الإسباني، إذ حطم الأرقام القياسية واحدًا تلو الآخر، وأظهر نضجًا فنيًا كبيرًا، وجمع الألقاب كما لو كان لاعبًا مخضرمًا، منها يورو 2024 مع إسبانيا، وثلاثية محلية مع برشلونة في موسم 2024-2025.
كل خيط من الإبداع في برشلونة وإسبانيا يمر من قدميه. يمتلك رؤية، ويصنع الخطورة، ويظهر في اللحظات التي تحتاج إلى لاعب “يصنع الفارق”.
2. محمد صلاح – جناح لا يرحم
لا يوجد جناح في كرة القدم الحديثة أكثر حسمًا أمام المرمى من المصري محمد صلاح.
تجربته الأولى في الدوري الإنجليزي لم تُكتب لها النجومية، لكن عودته عبر بوابة ليفربول صنعت منه أسطورة حقيقية. منذ 2017، تحوّل صلاح إلى أحد أكثر المهاجمين ثباتًا وتأثيرًا في تاريخ الدوري الإنجليزي.
أهدافه وحدها تكفي: 32، 22، 19، 22، 23، 19، 18، وأخيرًا 29 هدفًا في الدوري، بجانب أربعة أحذية ذهبية، ولحظات خالدة لا تُعد ولا تُحصى.
ومع تغيّر الوجوه في ليفربول ووجود جهاز فني جديد، ظل شيء واحد لا يتغيّر: محمد صلاح… النجم الذي لا يلين، واللاعب الذي ما زال يتطور مع تقدمه في العمر.
3. عثمان ديمبيلي – الانفجار المتأخر
الإصابات، عدم الاستقرار، والضغط الهائل في برشلونة، كلها عوامل أخرت ظهور عثمان ديمبيلي الحقيقي.
لكن انتقاله إلى باريس سان جيرمان في 2023، وتحديدًا موسمه الثاني بعد رحيل كيليان مبابي، فتح صفحة جديدة في مسيرته، وسمح للمهاجم الفرنسي بإظهار قيمته الحقيقية.
مع منحه دورًا محوريًا من قبل لويس إنريكي، أصبح ديمبيلي قائد الهجوم، وتحول إلى لاعب حاسم في موسم تاريخي حصد فيه باريس سان جيرمان رباعية تاريخية، بينها أول لقب لدوري أبطال أوروبا.
سجل الفرنسي 35 هدفًا وصنع 16 آخر، وهي أرقام تعكس حجم تأثيره وهيمنته.
بعد التحرر من الظلال الثقيلة حوله، يبدو ديمبيلي اليوم أخطر وأكمل من أي وقت مضى.
4. بوكايو ساكا – النموذج الاحترافي المثالي
قد لا يكون بوكايو ساكا الأكثر استعراضًا أو لفتًا للأنظار، لكنه أحد أكثر الأجنحة اكتمالًا وثباتًا في العالم.
خبرته السابقة كظهير أيسر منحته توازنًا تكتيكيًا فريدًا؛ فهو يعمل بلا توقف، يساهم دفاعيًا بشكل ملحوظ، وفي الوقت نفسه يسجل ويصنع بصورة منتظمة.
ساكا هو اللاعب الذي يضمن المدرب بفضل وجوده مستوى ثابتًا، انضباطًا كبيرًا، وعقلية احترافية استثنائية.
قد ينقصه بعض اللمحات الاستعراضية، لكن جماهير أرسنال تعتبره “خير ما أنجب النادي في العصر الحديث”.
5. مايكل أوليس – اليسرى التي لا تُقاوم
ربما لا يمتلك أي لاعب في أوروبا اليوم قدمًا يسرى أكثر فتكًا من مايكل أوليس.
سواء كان يرسل عرضيات حاسمة لهاري كين وكيليان مبابي، أو يسدد في أعلى الزاوية بدقة مذهلة، فإن نجم بايرن ميونيخ والمنتخب الفرنسي بات أحد أبرز صُنّاع الفارق في القارة.
لكن أوليس ليس مجرد “يسراوي خطير”؛ فهو لاعب ذكي تكتيكيًا، مراوغ سلس، وصانع ألعاب من الطراز الأول. يقطع من الجبهة اليمنى بسهولة، ويمرر بينيات دقيقة، ويخلق الفرص من أصعب المساحات.
واللافت أنه لا يزال في بداية مسيرته، ومع ذلك هو بالفعل جزء من الصفوة في كرة القدم الأوروبية.