عبرت الجماهير السعودية عن غضبها الشديد من المدرب الفرنسي هيرفي رينارد، عقب خسارة “الأخضر” أمام الجزائر، أمس الثلاثاء، بنتيجة (0-2)، على ملعب “الإنماء” في مدينة جدة.
وكان المنتخب السعودي قد هزم كوت ديفوار، يوم الجمعة الماضية، بهدف دون رد، قبل أن يتلقى الهزيمة من الجزائر، خلال مباراتين وديتين ضمن توقف نوفمبر/تشرين الثاني.
أداء باهت
جاء أداء المنتخب السعودي أمام الجزائر باهتًا، وكأنه مباراة تسير بلا روح ولا شرارة. منذ الدقائق الأولى، بدا واضحًا أن الإيقاع منخفض، والتمريرات بطيئة، والتحركات بلا جرأة.
لم يظهر اللاعبون بالشراسة المعتادة، ولا بالتركيز الذي يتطلبه اختبار من هذا النوع، فكانت كل محاولة هجومية تبدو وكأنها تبحث عن شكلها قبل أن تبحث عن المرمى.
كان هناك تباعد في الخطوط، غياب للحلول الفردية والجماعية، وتمريرات تُقطع بسهولة تعكس فقدان الثقة في لحظات كثيرة.
ومع كل هجمة جزائرية، بدا الدفاع السعودي وكأنه يحاول فقط الصمود بدلًا من أن يفرض شخصيته، بينما ظلت منطقة وسط الملعب عاجزة عن ضبط الإيقاع أو خلق التوازن المطلوب. حتى اللحظات التي حاول فيها الأخضر رفع نسق اللعب كانت قصيرة ومقطوعة النفس، وكأن الفريق يتحسس الطريق دون أن يجده.
لم يكن الأمر متعلقًا بالنتيجة بقدر ما كان مرتبطًا بالشكل العام، بالشعور أن المنتخب لم يدخل أجواء المباراة بالشكل المطلوب، وأن الروح التي ينتظرها الجمهور كانت غائبة.
ليلة بدت فيها السعودية بلا ملامح واضحة، تحتاج بعدها إلى وقفة، مراجعة، وإعادة شحن قبل التحديات الأكبر التي تنتظر المنتخب في الفترة المقبلة.
تعامل سيئ
جاء تعامل هيرفي رينارد الفني مع مباراة السعودية والجزائر مخيّبًا للآمال، وكأن المدرب الذي اعتاد الجمهور رؤيته حاضر الذهن، يقظ التفاصيل، قد ترك بصمته خارج الملعب هذه المرة.
ظهر الفريق بلا خطة واضحة، وكأن الأفكار لم تكتمل أو لم تُترجم بالشكل الصحيح داخل المستطيل الأخضر.
بدأت ملامح سوء التعامل منذ التشكيلة الأساسية، التي بدت غير متوازنة، سواء في توزيع الأدوار أو في اختيار العناصر المناسبة لمواجهة خصم قوي بدنيًا وسريع في التحولات.
لم تُظهر السعودية أي هوية واضحة؛ لا ضغط عالٍ، ولا تكتل منظم، ولا حتى محاولة لفرض رتم خاص، بل مجرد ردّ فعل متأخر لكل ما يقدمه المنتخب الجزائري.
في وسط المباراة، حين كان واضحًا أن الإيقاع السعودي منخفض وأن الفريق يعاني من فقدان السيطرة.
إضافة إلى تأخر رينارد في التدخل لم يغيّر الخطة، ولم يحاول ضخ دماء جديدة تعيد التوازن أو تمنح الفريق حلولًا إضافية، ومع أن المباراة كانت تتطلب تعديلًا تكتيكيًا سريعًا سواء بتقريب الخطوط أو زيادة الكثافة في وسط الملعب أو حتى تغيير الأدوار الهجومية إلا أن المدرب بدا وكأنه يراقب أكثر مما يقود.
انفجار جماهيري
اشتعلت موجة غضب عارمة بين الجماهير السعودية عقب المباراة، بعدما شعر المشجعون أن المنتخب لم يكن فقط يعاني من ضعف فني، بل كان ضحية لقرارات مدرب لم يقرأ المباراة كما يجب.
وامتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بانتقادات حادة لرينارد، وانقسمت الآراء بين من يرى أن ما حدث مجرد كبوة عابرة، وبين من فقد الثقة تمامًا في قدرته على قيادة الأخضر في المرحلة المقبلة.
المشجعون تحدّثوا بوضوح عن إحباطهم من الأداء الباهت، لكن غضبهم الحقيقي كان موجّهًا نحو الطريقة التي أدار بها رينارد المواجهة، معتبرين أن العشوائية وغياب التوازن والتغييرات المتأخرة كانت انعكاسًا لمدرب فقد الحماس والقدرة على الإبداع التكتيكي.
البعض رأى أن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى تراجع المنتخب على المستوى القاري والعالمي، خصوصًا في ظل المنافسة القوية المنتظرة في البطولات المقبلة.
ومع تكرار الأخطاء وغياب الحلول في المباريات الأخيرة، أصبحت المطالبة بإقالة رينارد ليست مجرد رد فعل انفعالي، بل موقفًا واسع الانتشار، يعكس فقدان الثقة في مشروعه الفني، ورغبة الجماهير في رؤية مدرب جديد يعيد التنظيم، ويمنح المنتخب شخصية أقوى داخل الملعب، ويعيد الروح المفقودة للأخضر.
الأمر لم يقتصر على التبديلات المتأخرة فقط، بل على افتقار الفريق للتوجيه اللحظي، فقد كانت هناك لحظات يحتاج فيها اللاعبون إلى تعليمات واضحة، لكن غياب التصحيح في الملعب جعل الأخطاء تتكرر، وبدا الفريق وكأنه يلعب بلا خطة بديلة.
ورغم أن رينارد مدرب ذو خبرة كبيرة، فإن إدارة هذه المباراة تحديدًا لم تعكس تلك الخبرة، بل كشفت عن ارتباك في اتخاذ القرار، وقراءة غير موفقة للخصم، وتعامل فني لم يرتقِ لطموحات الجماهير، التي تنتظر دائمًا من رينارد ما هو أفضل بكثير مما ظهر أمام الجزائر.