بعد ليلة مثقلة بالأسئلة وملامح الحيرة، خرج المنتخب السعودي من مواجهة الجزائر وهو يحمل أكثر مما خسره على أرض الملعب: شرخ صغير في الثقة بينه والجماهير.
لم تكن الهزيمة مجرد نتيجة عابرة، بل جرس إنذارٍ يفرض سؤالًا أكبر من المباراة نفسها، ماذا يحتاج المنتخب ليستعيد توازنه قبل أن تتسع الفجوة ويصعب الإصلاح؟
وخسر “الأخضر” على أرضه ووسط جماهيره أمام المنتخب الجزائري وديا، بهدفين دون رد، أمس الثلاثاء، في إطار مباريات الأجندة الدولية لشهر نوفمبر/تشرين الثاني.
الهوية الفنية
أحد أبرز مشاكل المنتخب السعودي في المباريات الأخيرة هو غياب الهوية الفنية.
الفريق يتنقل بين أكثر من أسلوب لعب دون انسجام أو وضوح، وكأن كل مباراة جديدة تتطلب إعادة ترتيب الخطة من الصفر، وهذا ما يجعل اللاعبين يشعرون بالتردد وعدم اليقين عند اتخاذ القرارات داخل الملعب.
المرحلة المقبلة تتطلب وضع استراتيجية ثابتة تكون مرجعًا لكل مباراة، سواء على مستوى الدفاع أو الهجوم، مع تحديد أسلوب محدد استحواذ وبناء هادئ من الخلف، أو لعب مباشر وسريع يعتمد على التحولات السريعة.
مراجعة عمل الجهاز الفني
الأداء أمام الجزائر كشف عن قصور واضح في التعامل الفني، سواء في اختيار التشكيلة الأساسية أو في توقيتات التبديلات، بل وحتى في توزيع الأدوار داخل الملعب.
بعض اللاعبين لم يجدوا أدوارًا واضحة، مع فجوات في بعض المراكز الحيوية.
المرحلة المقبلة تحتاج إلى تقييم دقيق لكل لاعب، والتأكد من جاهزيته البدنية والنفسية والفنية قبل مشاركته، كما يجب أن يكون لدى الجهاز الفني خطة بديلة واضحة للتعامل مع أي تغيرات في المباراة، مع جرأة في التبديلات والتعديلات التكتيكية التي يمكن أن تنقذ الفريق من المواقف الصعبة.
الاختيار الدقيق للتشكيلة سيكون عاملًا حاسمًا في استعادة التوازن داخل الملعب بكل تأكيد في الفترة المقبلة.
رفع مستوى الجاهزية البدنية
بدا المنتخب السعودي أقل جاهزية بدنية من الجزائر في عدة فترات من المباراة، وهو ما أثر على سرعة التحركات، قدرتهم على متابعة الهجمات المرتدة، والضغط على لاعبي الخصم.
الفترة المقبلة تتطلب برنامجًا بدنيًا مكثفًا لكل اللاعبين، مع التركيز على رفع القدرة على التحمل وسرعة الاستجابة، خصوصًا مع ازدحام المباريات في البطولات المقبلة.
ويجب أن يشمل هذا البرنامج لاعبي الدوري المحلي والمحترفين خارج المملكة على حد سواء، مع متابعة دقيقة لمنع الإرهاق والإصابات، لأن أي نقص في الجاهزية البدنية سينعكس مباشرة على أداء الفريق في المباريات الكبرى.
استعادة قوة الوسط
وسط الملعب كان قلب المشكلة في مواجهة الجزائر، حيث بدا هشًا وغير قادر على التحكم بالإيقاع أو قطع الهجمات.
المرحلة المقبلة تتطلب وجود لاعبين قادرين على التحرك بشكل ذكي، من استرجاع الكرة بسرعة، وتوزيع اللعب بهدوء.
ربما يحتاج المنتخب إلى إضافة عنصر ارتكاز محوري يمكنه الربط بين الدفاع والهجوم بفعالية، مع إعادة توزيع المسؤوليات بين اللاعبين لضمان التوازن.
السيطرة على وسط الملعب ستسمح للفريق بالتحكم باللعب، خلق فرص حقيقية، والحد من الأخطاء التي كلفته الكثير في المباراة الأخيرة.
تطوير الفاعلية الهجومية
على الرغم من وجود أسماء كبيرة ومهاجمين موهوبين، افتقد المنتخب للخطورة الفعلية أمام المرمى.
المشكلة لم تكن فقط في قدرة المهاجمين على التسجيل، بل في ضعف صناعة الفرص والتحركات غير المنظمة.
ويحتاج “الأخضر” خلال الفترة المقبلة عملًا تكتيكيًا واضحًا على بناء الهجمة، تحريك الكرة بسرعة بين الأطراف، وتنشيط دور الظهيرين لإحداث الإضافة الهجومية.
كذلك يجب التركيز على التنويع بين اللعب المباشر والاختراقات الفردية لتفادي الدفاعات المحكمة، وإعطاء المهاجمين خيارات واضحة أمام المرمى.
تحسين التنظيم الدفاعي
الأخطاء الدفاعية ظهرت بشكل واضح في مباراة الجزائر، خصوصًا في التمركز داخل منطقة الجزاء والارتداد الدفاعي عند الهجمات المرتدة.
يجب إعادة النظر في طريقة انسجام الخطوط الدفاعية مع الوسط، وزيادة التركيز على الرقابة الفردية والجماعية، مع تنظيم الضغط على الخصم بشكل جماعي.
التدريب على التعامل مع الهجمات السريعة والتحولات من الدفاع للهجوم سيكون عاملًا مهمًا لتقليل الأهداف السهلة التي تكلف الفريق كثيرًا، وضمان ثبات الخط الخلفي في المباريات الكبرى.
التحضير النفسي
المباريات الكبرى تحتاج إلى شخصية قوية وقدرة على التعامل مع الضغوط، فالمنتخب السعودي بحاجة إلى إعداد نفسي متكامل، يشمل تعزيز الثقة بالنفس، تقوية الروح الجماعية، وتحفيز اللاعبين على تحمل المسؤولية في اللحظات الحاسمة.
التحضير النفسي سيساعد الفريق على التعامل مع المنافسين الأقوياء بشكل أفضل، وتجنب الأخطاء المتكررة، وإظهار شخصية أكثر صلابة وثقة في المباريات المقبلة.
ويجد الأخضر نفسه أمام عدة تحديات مقبلة، يأتي على رأسها كأس العرب بالشهر المقبل، ثم الإعداد لبطولة كأس العالم 2026، وهي تحديات تحتاج إلى ثقة كبيرة.