لطالما كان نجم تشيلسي أليخاندرو جارناتشو، يسبب صداعا للمدربين، تمامًا كما كان كابوسًا للمدافعين، منذ كان طفلا، وفقا لأنتونيو ميادو مدرب اللاعب الأرجنتيني السابق في خيتافي.
ويعتبر ميادو أقدم مدرب في أكاديمية خيتافي، النادي المدريدي الواقع في الضواحي الجنوبية للعاصمة مدريد. وخلال 31 عامًا قضاها داخل النادي، يؤكد المدرب أنه لم ير موهبة أو شخصية تشبه جارناتشو.
كان ميادو المسؤول عن انتقال النجم الشاب من كرة القدم السباعية إلى كرة القدم ذات 11 لاعبا في مستوى تحت 12 عامًا، وفي تلك المرحلة أظهر جارناتشو بشكل واضح أين يريد أن يتمركز في الخطة الجديدة.
وقال ميادو، في مقابلة ع صحيفة “ذا صن”: “أتذكر مرات كثيرة كنت أجادل أليخاندرو في وسط المباراة. كان يرى الأمور بطريقته، ويقولها لي مباشرة دون أي تردد. معظم الأطفال لم يكونوا يجرؤون على سؤال المدرب عن سبب قراره، لكنه كان يفعل ذلك. لم يكن مألوفا أن يأتي طفل في العاشرة ليشرح لك كيف يرى الأمور بهذه المباشرة. أخبرته ذات مرة أنه جناح أيمن، فرد عليّ بأنه جناح أيسر”.
وأضاف: “ربما لا يتذكر الآن تلك الحوارات التي دارت بيني وبينه. كنت أكرر له: أنت تعتمد على قدمك اليمنى، وبالتالي يجب أن تلعب في اليمين. ولتحفيزه، قلت له ذات مرة: إذا سجلت هدفين في الشوط الأول، سأشركك في الجهة اليسرى. قلت له ذلك خلال مباراة، لكنه لم يسجل هدفين، بل سجل أربعة! وسأخبرك بسر: أليخاندرو انتهى به المطاف لاعبًا في الجهة اليسرى”.
وتابع: “كان يسجل أهدافا أكثر عندما يلعب على اليسار. كان يمتلك قوة تسديد مذهلة بقدمه اليمنى، أشبه بالمطرقة”.
ولد جارناتشو لأب إسباني وأم أرجنتينية، وبدأ حياته الرياضية في أكاديمية أرويو مولينوس في موستوليس، إحدى ضواحي مدريد. ثم انضم إلى خيتافي وهو بعمر العاشرة، وبعد عامين من كرة القدم السباعية، أصبح جزءا من فريق ميادو في كرة القدم ذات 11 لاعبا، في مستوى أعلى بعام من فئته العمرية.
وأردف ميادو: “هذه المرحلة عادة ما تكون صعبة على اللاعبين الصغار. ورغم أنه كان صغير الحجم، إلا أن أليخاندرو أظهر شجاعة غير عادية وتصميمًا كبيرًا. كان ناضجًا للغاية بالنسبة لعمره، فريدًا في طريقة تفكيره. فنيا وبدنيا، كان متفوقا على كل من حوله”.
واستطرد المدرب قائلا: “كنا نلعب في فئة تضم لاعبين أكبر منا بعام، لذلك كنا أصغر من باقي الفرق. كنا نسافر إلى ملاعب مختلفة في مدريد، وكان الناس يطلقون تعليقات تقلل من شأننا بسبب صغر حجمنا. كانوا يقولون: انظروا إليهم، كم مهارة فردية سنطبق عليهم اليوم؟ لكن الحقيقة أننا كنا فريقا مذهلا، وكان أليخاندرو قائدنا ونجمنا الأول”.
وأكد: “أستطيع أن أقول دون مبالغة إن ذلك الجيل الذي دربته كان من أفضل أجيال الفئات العمرية في تاريخ خيتافي”.
أما عن شخصية جارناتشو، فيروي ميّادو: “كان يمتلك رغبة جارفة في الفوز. والده كان يعمل لحسابه الخاص في مجال تركيب أجهزة التكييف، وجاء من عائلة مجتهدة، وهذا ما صقل روح القتال لديه. كان شرسًا في المنافسة، ويغضب كثيرا إذا خسر حتى في التدريبات”.
وأكمل: “في نهاية التدريب، كنا نجري مباراة صغيرة، وكان هو أول من يحمس زملاءه ويقاتل للفوز، كما لو كان نهائي كأس العالم. لم يتخلَّ عن أي كرة. وإذا لزم الأمر كان يقاتل حتى ظلّه. بالنسبة له، أي مباراة – حتى لو كانت ودية – كانت مسألة حياة أو موت”.
واسترسل: “الشيء المذهل بالنسبة لي، كمدرب ومحب لكرة القدم، هو مدى التزامه. كان يعطي كل ما لديه. هذا ما جعله مختلفا. أي طفل آخر ربما كان ينهار عند أول موقف صعب، لكنه كان عنيدا.. يقاتل حتى اللحظة الأخيرة”.
وبعد عام واحد فقط، انتهت قصة جارناتشو مع خيتافي. فالأندية الكبرى في مدريد – ريال مدريد، أتلتيكو مدريد ورايو فاليكانو – تتابع دائما مواهب خيتافي، الذي خرج منه لاعبون مثل إيمي بونديا وروبرتو سولدادو.
وفي عام 2015، جاء أتلتيكو مدريد ليخطف جارناتشو البالغ من العمر 11 عامًا. وقضى خمس سنوات في أكاديمية الروخيبلانكوس، قبل أن ينتقل إلى مانشستر يونايتد، حيث ظهر لأول مرة مع الفريق الأول وهو في السابعة عشرة، ليصبح من أبرز المواهب الصاعدة في أوروبا.
لكن بعد وصول روبن أموريم إلى تدريب يونايتد في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، تدهورت العلاقة بينه وبين جارناتشو سريعا، بعدما بدا أن اللاعب لم يستمع إلى التعليمات قبل نزوله بديلا في مباراة بالدوري الأوروبي أمام فيكتوريا بلزن. وبحلول الصيف، أبلغ أموريم لاعبه بأنه بحاجة للبحث عن نادٍ جديد.
تم استبعاده للتدرب بعيدا عن الفريق الأول، في مجموعة عُرفت داخل النادي باسم “فرقة القنابل” والتي ضمت ماركوس راشفورد، أنتوني، جادون سانشو وتايريل مالاسيا.
وكان تشيلسي يتابع وضعه منذ يناير/ كانون الثاني الماضي، وبنهاية الميركاتو الصيفي، أتمّ البلوز صفقة التعاقد معه مقابل 40 مليون جنيه إسترليني.
واضطر جارناتشو للتأقلم مع متطلبات المدرب إنزو ماريسكا، خصوصا فيما يتعلق بالعمل بدون كرة. لكن في الأسابيع الأخيرة، بدأ يقدم أداء مؤثرا هجوميا ودفاعيا.
ويختتم ميّادو حديثه قائلًا: “أليخاندرو لاعب حقيقي من الطراز الأول. لم يكن يحصل على دقائق كافية في يونايتد، وبقي هناك أطول فترة ممكنة قبل أن ينتقل إلى تشيلسي. أليخاندرو ما زال في الحادية والعشرين من عمره فقط. آمل أن يمنحه إنزو ماريسكا وقتًا أكبر على أرض الملعب، لأنه لا يزال لاعبًا شابًا يملك جوعا كبيرا للتطور”.