كشف النجم الإنجليزي بوكايو ساكا قائد آرسنال، عن الكثير من الجوانب الإنسانية والشخصية في مسيرته داخل كرة القدم، متناولا نشأته، ودوره في الجانرز، وطموحاته المقبلة مع النادي والمنتخب الإنجليزي، بالإضافة إلى شغفه غير المتوقع بصناعة القهوة.
وبات ساكا، الذي انضم إلى أكاديمية آرسنال وهو في السابعة من عمره، اليوم أحد أبرز نجوم الفريق، إذ خاض 277 مباراة سجل خلالها 76 هدفاً، وأصبح أحد أكثر اللاعبين شعبية بين جماهير ملعب الإمارات.
وشارك في وصول آرسنال إلى نهائي الدوري الأوروبي 2019، ثم الفوز بكأس الاتحاد الإنجليزي عام 2020، كما لعب دورا مهماً في وصول منتخب إنجلترا إلى نهائي بطولة أوروبا في نسختي 2021 و2024.
واليوم، يقود الدولي الإنجليزي كتيبة المدرب ميكيل أرتيتا في صدارة الدوري الإنجليزي، وسط آمال كبيرة بالعودة إلى منصة التتويج للمرة الأولى منذ عام 2004. وفي الوقت نفسه، يشعر النادي بثقة كبيرة في قدرته على تجديد عقده.
في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، أكد ساكا أن كرة القدم كانت بالنسبة له “مصدر السعادة الوحيد” منذ طفولته، مؤكدا أنه لم يتصور أن يصبح أي شيء آخر غير لاعب كرة.
ويستعيد ساكا ذكريات طفولته قائلاً: “كنت ألعب في الحديقة الخلفية مع أخي ووالدي. كانا يلعبان ضدي 2 ضد 1، وكنت أرفض الخسارة مهما حدث. إذا خسرت أبكي، أغضب، لا أقبل بذلك أبدا”.
وعن أول فريق لعب له، أوضح أنه كان “جرينفورد سيلتيك”، ويتذكر تفاصيل القميص الأخضر المخطط، وطريقة تنظيف الأحذية بضربها على الأشجار بعد المباريات، ويصف تلك المرحلة بأنها “فصل مهم جدا في حياتي”.
منذ سنواته الأولى، كان يدرك أنه يمتلك موهبة مميزة، لكنه أكد أنه لم يفكر كثيراً بالأمر قائلا: “كنت أستمتع فقط. كنت جيدا، وهذا جعل اللعب أكثر متعة”.
ويحكي ساكا عن أول مرة علم فيها أنه ربما ينضم إلى آرسنال، حين تلقى والده بطاقة من كشاف النادي.
وقال: “ذهبت إلى هيل إند لأول تجربة، لم أشعر بأي خوف. قلت لنفسي: العب واستمتع. قدمت أداءً رائعاً وبدأت مع الفريق (B)، ثم صعدوني سريعاً للفريق (A)، ومن هناك بدأت القصة. كنت طفلاً، والقرارات تكون عند الوالدين. أبي قال لي: أريدك أن تكون في آرسنال. ووافقت فورا”.
أما سبب تفضيل والده للنادي فكان واضحا: الثقة في الأكاديمية، وفي أسلوب آرسين فينجر آنذاك، وفي الطريق الواضح الذي يحصل عليه اللاعبون الشباب للصعود للفريق الأول.
واعترف ساكا: “أن تصبح لاعباً في آرسنال وأنت تحب النادي منذ الصغر.. هذا حلم تحقق. كنت أذهب للمدرجات كمشجع، واليوم أكون أنا من يشاهدونني”.
ويروي ساكا أحد المواقف المفصلية في مرحلة الأكاديمية، حين قال لهم أحد المدربين: “فقط لاعب أو اثنان منكم سيصل إلى الفريق الأول”.
هذه الجملة، التي قد تصيب أطفالاً كثيرين بالإحباط، كانت بالنسبة لساكا وقوداً للعزيمة، وقال في المقابلة: “قلت لنفسي: يجب أن أكون أنا. لا خيار آخر”.
وأشار ساكا إلى أن الدعم الذي تلقاه من لاعبين كبار ساعده كثيرا عند دخوله الفريق الأول، خصوصاً دافيد لويز وبيير إيميريك أوباميانج، وأكمل: “استقبلاني بطريقة مذهلة. كنت خجولا جدا في البداية، وهما منحاني الثقة. نصائحهما ظهرت في مستواي مباشرة”.
ويقول ساكا إن اسمه الكامل يحمل جذوره النيجيرية: “أنا فخور جداً بذلك. قيم والديّ، وطريقتهم في الحياة، شكلوا جزءا كبيرا مني”.
بعيدا عن كرة القدم، كشف ساكا عن رغبة متزايدة في قضاء وقت بمفرده، خصوصا في الطبيعة، مؤكداً أن المشي الصباحي أصبح جزءا من روتينه.
كما تحدث عن هوايته الجديدة قائلا: “أحب القهوة جداً. أدخل الآن في مرحلة تعلم فنون صنعها. أحاول رسم الأشكال بالحليب، الأمر أصعب بكثير مما يبدو”.
ويخطط ساكا فعلاً لأخذ دروس احترافية ليصبح “باريستا بدوام جزئي”.
وبحسب ساكا، فإن إصابته الموسم الماضي كانت لحظة فارقة جعلته يعيد التفكير في حياته كلها، حيث قال: “كنت على وضعية التشغيل التلقائي. مباراة ثم تعافٍ ثم مباراة. لكن عندما تصاب ولا يمكنك اللعب لمدة شهر، تبدأ في رؤية الحياة خارج كرة القدم. أدركت أن هناك توازناً يجب أن أحافظ عليه”.
ومع ذلك، يؤكد ساكا أن شغفه باللعبة لم يتغير، وأن هدفه الأكبر ما يزال واضحا: “أريد الفوز بكل الألقاب، مع آرسنال ومع إنجلترا”.
ويؤمن ساكا أن شخصيته تطورت بوضوح مفسرا: “الشخص الذي كنت عليه قبل سنوات ليس الشخص الذي تروه أمامكم الآن. النضج، التجارب، الضغوط.. كلها تجعل منك إنسانا ولاعبا مختلفا”.
وعلى الرغم من النضج، يحتفظ ساكا بروح الدعابة داخل غرفة الملابس، وأتم: “الضحك والاستمتاع أهم شيء بالنسبة لي. هذه اللعبة يجب أن تمنحك السعادة”.