أقرت أندية الدوري الإنجليزي الممتاز لوائح مالية جديدة ستدخل حيّز التنفيذ بداية من الموسم المقبل، تمنع بموجبها الأندية من بيع أصولها الرأسمالية إلى شركات تابعة لها بهدف الالتفاف على القواعد المالية.
ويأتي هذا القرار بعد تصويت الأندية على نظام جديد للعب المالي النظيف يعتمد على نسبة تكلفة التشكيلة أو ما يعرف بـ “Squad Cost Ratio – SCR”، عقب اجتماع موسع عقد في لندن، شهد مناقشة ثلاثة مقترحات رئيسية لاستبدال قواعد “الربح والاستدامة” المعمول بها سابقا.
ونال نظام SCR تأييد 14 ناديًا مقابل 6 أندية عارضته، وهو العدد الأدنى المطلوب لتمرير التغييرات التنظيمية. وبموجب النظام الجديد، لن يسمح للأندية اعتبارا من موسم 2026-2027 بأن تتجاوز تكاليف الفريق الأول نسبة 85% من إجمالي إيرادات النادي السنوية. وتشمل هذه التكاليف رواتب اللاعبين والمدربين، ورسوم الانتقالات، وعمولات الوكلاء، بينما ستكون الأندية المشاركة في البطولات الأوروبية ملزمة بالحد الأدنى الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي، والبالغ 70% فقط.
ويُعد إنهاء ثغرة بيع الأصول أحد أبرز عناصر التحديث الجديد، إذ شهدت المواسم الماضية محاولات للالتفاف على القوانين عبر بيع أصول غير متعلقة بالنشاط الكروي، مثل الفنادق أو فرق السيدات، إلى شركات شقيقة.
وكان تشيلسي قد لجأت العام الماضي، إلى بيع فندقين تابعين لها لشركة تابعة من أجل تحسين موقفها المالي أمام لجنة التقييم.
وفي يوليو/ تموز الماضي، قام إيفرتون بخطوة مشابهة عندما نقل ملكية فريق السيدات إلى الشركة الأم، في وقت ذكرت فيه تقارير صحفية أن أستون فيلا أجرى ترتيبات مشابهة. لكن اللوائح الجديدة تقطع الطريق على مثل هذه الممارسات، حيث سيُحتسب فقط الدخل الناتج عن النشاط الكروي المباشر ضمن الإيرادات الخاضعة للتقييم.
وفي الوقت نفسه، وافقت الأندية بالإجماع على قواعد الاستدامة المالية طويلة المدى، في حين سقط مقترح “الربط المالي” الذي كان يقضي بوضع سقف أعلى للإنفاق مرتبط بإيرادات النادي صاحب المركز الأخير. وتم اعتبار المقترح مثيرا للجدل، إذ لم يحصل سوى على سبعة أصوات مؤيدة مقابل 12 صوتا معارضا وصوت واحد ممتنع.
قواعد جديدة
وأصدر الدوري الإنجليزي بيانا رسميا أكد فيه أن القواعد الجديدة تهدف إلى تعزيز تكافؤ الفرص بين الأندية، مع الاقتراب في الوقت نفسه من نظام الاتحاد الأوروبي القائم على مبدأ تكلفة التشكيلة.
وأشار البيان إلى أن النظام الجديد سيعتمد على مراقبة أكثر شفافية خلال الموسم، وعقوبات أكثر وضوحًا، إلى جانب إمكانية السماح للأندية بإنفاق يتجاوز الإيرادات ضمن هوامش مدروسة، مع تقليل التعقيدات عبر التركيز فقط على نفقات الفريق الأول.
ويختلف نظام SCR عن قواعد الربح والاستدامة السابقة التي كانت تعتمد على تحليل الوضع المالي الكامل لنادٍ خلال فترة تمتد لثلاث سنوات.
فالنظام الجديد يركز فقط على مصروفات الفريق في كل موسم، وهو ما يجعل التقييم أكثر دقة وارتباطًا بالإنفاق الرياضي المباشر، مع استمرار الازدواجية بالنسبة للأندية المشاركة في البطولات الأوروبية التي يجب أن تمتثل في الوقت نفسه لقواعد “يويفا” الأكثر صرامة.
ويوفر النظام الجديد هامشا ماليا مرنا عبر ما يعرف بـ “هامش 30%”، وهو سماح متعدد السنوات يتيح للأندية تجاوز نسبة الـ85% ضمن حدود معينة بهدف تمكينها من الاستثمار مستقبلا أو مواجهة التراجعات الرياضية والمالية الطارئة. وتتم عملية التقييم في شهر مارس/ آذار من كل عام، حيث تُحدد العقوبات المحتملة التي قد تطبق خلال الموسم ذاته.
وتم تقسيم الإنفاق إلى عتبتين، الأولى تُعرف بالعتبة الخضراء، وهي نسبة 85% من الإيرادات، وتجاوزها يؤدي إلى غرامات مالية. أما العتبة الثانية فهي العتبة الحمراء، وتُحتسب بإضافة الهامش المسموح به، ليصل الإجمالي إلى 115%.
وتجاوز هذا السقف سيؤدي إلى خصم ست نقاط تلقائيا من رصيد النادي في جدول الدوري، مع خصم نقطة إضافية عن كل 6.5 ملايين جنيه إسترليني تتجاوز الحد المسموح به.
ويبدأ كل ناد الموسم بقدرة إنفاق تبلغ 115% من إيراداته. فإذا تجاوز نسبة 85% دون أن يتخطى 115%، سيعاقب بغرامات فقط، أما إذا تجاوز العتبة العليا فستُفرض عليه عقوبات رياضية مباشرة.
تفاوت الإنفاق
مع تقلب نسب الإنفاق الموسمية، فإن النادي الذي ينفق 105% من إيراداته في موسم ما يكون قد استهلك 20% من هامش الإنفاق، ما يعني أن الحد المسموح له في الموسم التالي سيتقلص إلى 95%.. وفي المقابل، إذا أنفق النادي أقل من 85%، يمكنه زيادة الهامش مجددا حتى الحد الأقصى البالغ 30%.
وعبّرت بعض الأندية ذات الموارد المحدودة عن عدم رضاها عن النظام الجديد، لأن ربط الإنفاق بالإيرادات يقيد قدرتها على رفع فاتورة الأجور بما يتناسب مع متطلبات المنافسة. ومن بين هذه الأندية بورنموث وبرينتفورد وبرايتون وكريستال بالاس وفولهام وليدز.
وعلى سبيل المثال، يعاني بورنموث من قلة موارده الناتجة عن صغر ملعبه الذي يتسع لقرابة 11 ألف مشجع فقط، رغم حاجته لدفع أجور عالية تتماشى مع مستوى الدوري.
أما أندية القمة مثل مانشستر سيتي ومانشستر يونايتد وآرسنال وتشيلسي وليفربول، فتستفيد من هذا النموذج بفضل قوتها التجارية الضخمة وإيراداتها المتنامية.
وبالنسبة لأستون فيلا ونيوكاسل، اللذين اشتكيا في السنوات الماضية من القيود التي فرضتها قواعد PSR على قدرتهما على تعزيز التشكيلة، فإن عليهما الآن التعامل بحذر، لأن مشاركتهما الأوروبية تفرض عليهما الالتزام بسقف الـ70% الذي يحدده اليويفا، وهو أقل من السقف المحلي.
اقتراح الربط المالي
أما مقترح الربط المالي الذي كان سيضع سقفًا للإنفاق مرتبطًا بإيرادات النادي صاحب المركز الأخير، فقد سقط لأسباب عديدة، رغم أن بعض الأندية الكبرى مثل آرسنال وليفربول رأتا أنه وسيلة لضمان قدر أكبر من العدالة.
في المقابل، تخوّف مانشستر سيتي ومانشستر يونايتد من أن يؤدي هذا النوع من السقوف المالية إلى تقييد قدرتهما على المنافسة مستقبلا، لا سيما إذا استمرت إيراداتهما في النمو.
كما أثارت رابطة اللاعبين المحترفين مخاوف من أن يؤدي النظام إلى خلق سقف فعلي للأجور، وهو ما قد يخلق نزاعات قانونية. كما ظهرت خشية أخرى لدى الأندية من أن يؤدي أي تراجع مستقبلي في عائدات البث التلفزيوني إلى تقليص السقف أكثر، بما يضر قدرة الأندية التنافسية.
وفي النهاية، جاء تمرير قواعد الاستدامة المالية بسهولة لأن الأندية مضطرة أصلًا للامتثال لمتطلبات الهيئة المستقلة لتنظيم كرة القدم التي ستبدأ عملها قريبًا. وستطالب الهيئة الأندية بتقديم خطط مالية قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد، تضمن قدرتها على تمويل عملياتها التشغيلية والالتزام بقواعد الصرف.
وتركز هذه القواعد الجديدة على المراقبة المستمرة وفرض إجراءات تصحيحية مثل تقييد الإنفاق أو إعادة هيكلة الديون، لضمان الحفاظ على التوازن المالي وإعادة أي نادٍ مُخالف إلى مسار الامتثال الكامل.