تعرض المنتخب القطري لضغط مباريات كبير قبيل كأس العالم 2022، وامتد أثره لما بعد البطولة، بظهور نجومه منهكين أمثال حسن الهيدوس وسعد الشيب وغيرهما.
وتأثر مستوى ونتائج “العنابي” بهذا الأمر كثيراً، ما أدى إلى تعرج مساره في التصفيات الآسيوية المؤهلة لمونديال الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك 2026.
وواجه المنتخب القطري صعوبات عديدة في المرحلة الثالثة من التصفيات الآسيوية، واضطر إلى العبور إلى المونديال من بوابة المرحلة الرابعة التي أُطلق عليها “الملحق الآسيوي”، عندما استضاف مباريات المجموعة الأولى على أرضه.
ولم يكن هذا التأهل يسيراً، إذ خطف “العنابي” بطاقة التأهل التي تُمنح لصاحب صدارة المجموعة الأولى في الملحق الآسيوي بـ”شق الأنفس”، بعد التعادل مع عمان وتحقيق فوز صعب على الإمارات.
إعادة البناء
ويبدو أن وقت التغيير وإعادة بناء صفوف المنتخب القطري تأخر كثيراً، ولم يبدأ فعلياً إلا بعد وصول المدرب الإسباني جولين لوبيتيجي لتولي مسؤولية “العنابي”، والبدء في إجراء تغييرات تدريجية على ملامح الفريق.
واستهل لوبيتيجي عمله بالحفاظ على العناصر المميزة من أصحاب الخبرات، مثل أكرم عفيف ومشعل برشم وبوعلام خوخي وكريم بوضياف والمعز علي، كما أعاد الهيدوس من الاعتزال الدولي. ثم بدأ في اختبار عدد من اللاعبين الشباب في مواجهات ودية عديدة، أبرزها تجربة زيمبابوي، مؤكداً رغبته في خلق جيل جديد من اللاعبين القطريين، ومنحهم فرصة ذهبية لإثبات جدارتهم في تصفيات المونديال وكأس العرب.
وتركز عمل المدرب الإسباني على خلق التجانس والأداء الجماعي بين المزيج المختار من اللاعبين، من خلال العودة إلى التنظيم الجيد، والتركيز على تحسين الجوانب البدنية والتكتيكية والتفاصيل الصغيرة، التي تصنع الفارق في المباريات المهمة.
وتمكن لوبيتيجي بالفعل من الوصول إلى جيل جديد يجمع بين الخبرة والعناصر الشابة، مثل الحارس محمود أبو ندى الذي تألق بشكل لافت في المرحلة الرابعة من التصفيات الآسيوية، إلى جانب خالد محمد ومحمد وعد ومصطفى مشعل وأحمد الراوي ونبيل عرفان والهاشمي آل حسين وغيرهم.
ويتوقع أن تشهد قائمة المنتخب القطري المقرر مشاركتها في بطولة كأس العرب، والتي لم تُعلن بعد، عدداً كبيراً من اللاعبين الشباب لتجهيزهم من خلال مباريات قوية، لتمثيل “العنابي” في المعترك العالمي العام القادم.
طموح كبير
وفي الوقت نفسه، لن يتنازل المنتخب القطري عن المنافسة بقوة على لقب كأس العرب، خاصة أن البطولة تقام على أرضه وبين جماهيره من 1 إلى 18 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وكشف المدرب الإسباني عن هذا الطموح، بتأكيده أن هدفه هو الوصول إلى نصف النهائي أو النهائي في كأس العرب، مع إشارة واضحة إلى أنه لا يخشى المداورة بين اللاعبين الكبار والشباب، مانحاً الجميع فرصة إثبات الذات.
ويؤكد هذا النهج أن لوبيتيجي يتبع أسلوباً أكثر انفتاحاً وتجديداً، مقارنةً بالفترة السابقة التي دارت خلالها الكرة القطرية لسنوات طويلة، في فلك عدد محدود من اللاعبين والنجوم.
لكن المنتخب القطري سيكون مطالباً بالحرص على عدم الخروج المبكر من البطولة العربية، التي أصبحت معتمدة من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، وسيكون لها تأثير مباشر على التصنيف الدولي قبل قرعة كأس العالم المقبلة.
منافسة صعبة
ويُنتظر أن يواجه “العنابي” صعوبات في المنافسة ضمن المجموعة الأولى من كأس العرب، والتي تأهل إليها مباشرة المنتخب التونسي، بينما ستكتمل بقية منتخباتها خلال الساعات المقبلة عبر مباراتي الدور التمهيدي بين سوريا وجنوب السودان، وفلسطين وليبيا، على أن يصعد الفائزان إلى الدور الرئيسي.
وفي كل الأحوال، تمثل بطولة كأس العرب فرصة مهمة للمنتخب القطري لإزالة الغبار عن نفسه، وإثبات قدرته على المنافسة بعد فترة من التغييرات العديدة في صفوفه.
كما ستكون البطولة فرصة أمام لوبيتيجي لمنح “العنابي” دفعة تكتيكية جديدة، وفتح الباب أمام الشباب، وهي المرحلة التي يمكن من خلالها قياس ما إذا كان المنتخب القطري قد تجاوز مرحلة الشك، وبدأ طريق العودة إلى المجد.
وتجدر الإشارة إلى أن لوبيتيجي تسلم قيادة منتخب قطر في لحظة مفصلية، تزامنت مع دخول التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم مراحلها الحاسمة.
وقد مر المنتخب بتحديات صعبة مع المدرب الإسباني، الذي سبق له تدريب منتخب إسبانيا الأول، وأندية كبرى مثل ريال مدريد وإشبيلية وبورتو، إلى جانب وولفرهامبتون ووست هام يونايتد.
ولم يكن هدف الاتحاد القطري عند التعاقد مع لوبيتيجي في مايو/أيار الماضي، بعقد يمتد حتى عام 2027، هو التأهل للمونديال فقط، بل الاستفادة من خبراته الأوروبية الواسعة في تطوير الكرة القطرية.
وفي ظل هذه المتغيرات، يسعى العنابي لإثبات ذاته في البطولة العربية، وإظهار قدرته على الإحلال والتجديد، وبناء جيل قوي يبشر بمستقبل واعد للكرة القطرية، التي حققت عديد الإنجازات في السنوات الأخيرة.