تنتظر جماهير كرة القدم الأوروبية واحدة من أقوى مباريات الجولة الخامسة بالدور الأول في دوري أبطال أوروبا، عندما يستضيف مانشستر سيتي نظيره باير ليفركوزن على ملعب الاتحاد مساء الثلاثاء، في مواجهة تجمع بين فريقين يمثلان نماذج مختلفة من القوة، أحدهما اعتاد التواجد في عمق المنافسة الأوروبية خلال السنوات الأخيرة بقيادة بيب جوارديولا، والآخر يصعد بثبات وتحسن ملحوظ تحت قيادة جهاز فني أعاد له بريقه في البوندسليجا وأوروبا.
مانشستر سيتي يدخل هذه المباراة وهو يملك سجلا طويلا ومؤثرا أمام الأندية الألمانية، إذ ستكون مواجهة ليفركوزن هي المباراة رقم 39 في تاريخ النادي أمام فرق ألمانيا في المنافسات الأوروبية.
وبحسب الأرقام، فقد فاز السيتي في 24 مباراة وتعادل في 6 وخسر فقط 8. كما أن باير ليفركوزن سيكون ثامن فريق ألماني يواجهه السيتي في تاريخه، وهو ما يعكس عمق الاحتكاك بين النادي الإنجليزي وبين الكرة الألمانية على مدار العقد الأخير، بعدما أثبت بطل إنجلترا تفوقه الواضح أمام هذا النوع من المنافسين.
وتؤكد الإحصائيات الحديثة هذا التفوق، حيث لم يخسر مانشستر سيتي سوى مباراة واحدة فقط في آخر 24 مواجهة لعبها أمام فرق ألمانية في دوري الأبطال، وحقق خلالها 19 فوزا مقابل أربعة تعادلات.
الهزيمة الوحيدة جاءت أمام لايبزيج في ديسمبر/كانون الأول 2021 بهدفين مقابل هدف، بينما نجح الفريق في تسجيل 67 هدفا خلال هذه السلسلة بمعدل مذهل يبلغ 2.8 هدف في المباراة الواحدة، وهو معدل يعكس وفرة الحلول الهجومية والثقة الكبيرة التي يدخل بها الفريق هذه النوعية من اللقاءات.
سجل ممتاز
وإذا كان تاريخ السيتي أمام الأندية الألمانية غنيا، فإن سجله على أرضه أمام هذه الفرق أكثر إثارة للانتباه، فقد فاز الفريق في آخر 13 مباراة خاضها على ملعب الاتحاد ضد منافسين من ألمانيا، وبفارق أهداف كبير بلغ 49-13.
والمفارقة اللافتة أن آخر فريق ألماني خرج من ملعب الاتحاد دون خسارة في دوري الأبطال كان بايرن ميونخ في أكتوبر/تشرين الأول 2013، عندما فاز بنتيجة 3-1 تحت قيادة بيب جوارديولا نفسه، الذي يقود مانشستر سيتي اليوم.
وبين تلك المباراة وهذه المواجهة، تغيرت ملامح الفريق الإنجليزي بالكامل، لكن شيئًا واحدا ظل ثابتا، وهو قوة السيتي على أرضه أمام المنافسين القادمين من البوندسليجا.
وعلى الجانب الآخر، يدخل باير ليفركوزن المباراة وهو يحمل سجلا متواضعا خارج أرضه أمام الأندية الإنجليزية في دوري أبطال أوروبا، إذ خسر ثماني مرات في عشر زيارات، مقابل فوز واحد وتعادل واحد.
الفوز الوحيد جاء في لندن على حساب توتنهام في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، بينما كانت آخر زيارة للفريق إلى إنجلترا كارثية بعدما خسر برباعية نظيفة أمام ليفربول على ملعب آنفيلد في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
هذه الأرقام تضع الفريق الألماني تحت اختبار صعب في مواجهة بطل أوروبا للموسم 2022-2023.
وتحمل المباراة طابعا تاريخيا خاصا بالنسبة لبيب جوارديولا، إذ ستكون مباراته رقم 100 في دوري أبطال أوروبا كمدرب لمانشستر سيتي.
وقد حقق المدرب الإسباني 62 فوزًا خلال 99 مباراة سابقة، مقابل 19 تعادلا و18 خسارة، ليصبح ثالث مدرب في تاريخ البطولة يدير أكثر من 100 مباراة مع فريق إنجليزي بعد السير أليكس فيرجسون مع مانشستر يونايتد وآرسين فينجر مع آرسنال.
مانشستر سيتي يدخل المواجهة وهو لم يتأخر في النتيجة نهائيا خلال هذا الموسم من دوري الأبطال، كما أنه تقدم في المباريات بنسبة بلغت 62% من إجمالي الوقت، بما يعادل 239 دقيقة و45 ثانية.
والأكثر دلالة على قوة الفريق أن السيتي في الفترات التي تكون فيها النتيجة متعادلة، والتي بلغت أكثر من ساعتين من اللعب، سدد 41 كرة مقابل تسديدتين فقط على مرماه. هذا الفارق يعكس سيطرة شبه كاملة وقدرة كبيرة على خنق المنافسين والاستحواذ على مجريات اللعب منذ الدقيقة الأولى وحتى الأخيرة.
ويدعم الأرقام السابقة تفوق مانشستر سيتي التكتيكي والفني من خلال إحصائيات التمرير، إذ يحتل الفريق المركز الأول هذا الموسم في عدد التمريرات الناجحة في دوري الأبطال بإجمالي 2511 تمريرة، كما يملك أعلى نسبة دقة تمرير بلغت 91.9%.
ويحتل السيتي صدارة الفرق في عدد السلاسل المكونة من 10 تمريرات أو أكثر في اللعب المفتوح بواقع 95 سلسلة، ويبلغ معدل التمريرات في كل سلسلة هجومية 6.2 تمريرة.
والأهم من ذلك أن فريق جوارديولا هو الوحيد الذي لم يستقبل أي هجمة مرتدة خلال البطولة حتى الآن، وهو رقم يعكس التنظيم الدفاعي العالي والقدرة على قتل هجمات الخصم قبل أن تبدأ.
توهج هالاند
وفي الجانب الهجومي، يعيش إيرلينج هالاند مناسبة خاصة هو الآخر، إذ يستعد لبدء مباراته رقم 50 في دوري أبطال أوروبا. والمثير أن اللاعب النرويجي سيحافظ على سجله القياسي كأفضل هداف خلال أول 50 مباراة في تاريخ البطولة حتى لو لم يسجل في هذه المباراة، إذ يملك بالفعل 50 هدفًا في 49 مباراة بدأها حتى الآن.
وسجل هالاند مع مانشستر سيتي 31 هدفا في دوري الأبطال، من بينها 24 جاءت بلمسة واحدة، أي بنسبة 77%، وهي أعلى نسبة لأي لاعب في البطولة منذ بداية الموسم 2022-2023، ما يوضح كفاءة اللاعب داخل منطقة الجزاء وقدرته على استغلال أنصاف الفرص.
وفي المقابل، يمتلك ليفركوزن بعض العناصر المؤثرة التي يمكن أن تشكل نقاط قوة للفريق رغم فارق الإمكانيات، أبرزهم الإسباني أليكس جارسيا الذي يقدم أداءً فنيا عاليا في وسط الملعب، إذ يعد اللاعب الأكثر نجاحا في تنفيذ التحويلات الطولية للكرة في دوري الأبطال هذا الموسم، محققا نسبة نجاح كاملة 100% في ثماني محاولات.
كما يحتل المركز الثالث بين لاعبي الوسط في التمريرات القاطعة لخطوط الخصم بعد جوي فيرمان وفينيا، برصيد 48 تمريرة، وهو ما يصفه الكثيرون بأنه ركيزة البناء الهجومي الأولى للفريق الألماني.