أعلن الحكم الدولي المصري محمود البنا اعتزاله رسميًا لمجال التحكيم داخل مصر، بعد مسيرة امتدت لأربعة وعشرين عامًا، منها 12 عامًا على الساحة الدولية، مثّل خلالها الكرة المصرية في العديد من البطولات والمحافل الكبرى.
وجاء إعلان البنا عبر بيان رسمي أكد فيه أن القرار لم يكن سهلًا، لكنه جاء بعد فترة من الظروف الإدارية التي وصفها بأنها غير عادلة، ما جعله يفضّل الابتعاد عن الساحة احترامًا لتاريخه ومبادئه.
وعلى مدار 24 عاماً، قدم محمود البنا مسيرة تحكيمية حافلة، بدأها من الدرجات الأدنى قبل أن يصل إلى قائمة الحكام الدوليين، حيث أدار مباريات في البطولات الإفريقية والعربية والدولية، واعتُبر أحد أبرز الوجوه التحكيمية المصرية في العقد الأخير.
وخلال رحلته، شارك البنا في إدارة مباريات مهمة في دوري أبطال إفريقيا وكأس الكونفدرالية، إضافة إلى مشاركاته في البطولات العربية وبطولات المنتخبات داخل القارة.
وتميز البنا بأسلوب تحكيمي يعتمد على الانضباط والهدوء والقدرة على إدارة المباريات الكبرى، مما أكسبه احترام الجماهير والأندية ومسؤولي اللعبة.
قرار الاعتزال… بين الفخر والمرارة
وقال الحكم الدولي في بيانه: “اليوم أعلن، بكل فخر واعتزاز، قراري بوضع حد لمسيرتي التحكيمية داخل مصر التي امتدت لأربعة وعشرين عامًا، منها 12 عامًا كحكم دولي تشرفت خلالها بتمثيل مصر في المحافل الإفريقية والعربية والدولية”.
وأضاف أنه قدم خلال مسيرته كل ما يستطيع من إخلاص وتفانٍ في خدمة التحكيم المصري بلا تردد أو تقصير، واعتبر أن ما حققه من نجاحات جاء بفضل العمل الشاق والدعم الذي لقيه من زملائه داخل الوسط التحكيمي.
وكشف البنا أن قرار الاعتزال لم يكن مرتبطًا بأي أسباب بدنية أو فنية، وإنما جاء نتيجة ما وصفه بظروف إدارية وقرارات داخل منظومة التحكيم لم يَرَ فيها الحد الأدنى من العدالة أو المنطق.
وقال: “جاءت النهاية ليس بقرار فني أو طبيعي، بل نتيجة ظروف إدارية غير عادلة وقرارات افتقدت للموضوعية داخل منظومة التحكيم”.
وأشار إلى أنه خلال الفترة الأخيرة واجه ما اعتبره تهميشًا وتقليلًا من شأن الحكام المصريين، لصالح توجهات لا تعكس قيمة الكفاءات المحلية. وأكد أنه لم يكن ليقبل الاستمرار في بيئة لا تتوافق مع المبادئ التي تربى عليها داخل الملاعب وخارجها.
احترام الذات ودوافع الرحيل
وشدد البنا في بيانه على أن قراره كان احترامًا لتاريخه وخبرته، وليس انسحابًا من الساحة أو هروبًا من المسؤولية.
وأضاف: “جاء قراري بالاعتزال احترامًا لتاريخي ولمبادئي، وليس هروبًا من الميدان. أؤمن أن الصمت في بعض المواقف أقوى من أي كلمة، وأن الكرامة المهنية لا تقبل المساومة”.
وأكد أن التحكيم بالنسبة له كان رسالة قبل أن يكون مهنة، وأنه فضّل إنهاء مسيرته وهو في كامل احترامه لنفسه ولجمهوره ولتاريخه الممتد عبر سنوات طويلة.
وحرص الحكم الدولي المصري على توجيه الشكر لكل من وقف بجانبه خلال مشواره، من زملاء ومدربين ومسؤولين وإداريين داخل لجان الحكام المختلفة، إضافة إلى الجماهير التي دعمته طوال سنوات وجوده في الملاعب.
وقال: “أتوجه بخالص الشكر لكل من دعمني وساندني طوال رحلتي، من زملاء، ومدربين، ومسؤولين، وجماهير”.
وأثار إعلان البنا موجة واسعة من ردود الفعل داخل الوسط الرياضي، خاصة بعد بيان اعتزاله بعد نقاشات متصاعدة حول تطوير منظومة التحكيم في مصر.
ويرى البعض أن القرار يسلط الضوء على ضرورة مراجعة السياسات الداخلية والعمل على تعزيز بيئة عادلة للحكام، بينما اعتبر آخرون أن التحكيم المصري خسر أحد عناصره البارزة.
وأسند الاتحاد المصري مهمة رئاسة لجنة الحكام إلى الكولومبي أوسكار رويز المحاضر بالاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” من أجل تطوير المنظومة.
من هو محمود البنا؟
يبلغ محمود البنا 43 عاماً وهو مواليد محافظة كفر الشيخ كما عمل مأذوناً شرعياً قبل اتجاهه للتحكيم.
وأدار البنا هذا الموسم 8 مباريات آخرها لقاء الأهلي ضد سيراميكا كليوباترا في نصف نهائي كأس السوبر المصري وشهدت المباراة اعتراضات كبيرة على التحكيم من جانب مسؤولي سيراميكا.
وسبق أن أدار البنا نهائي كأس السوبر المصري عام 2023 الذي جمع بين الأهلي وبيراميدز في الإمارات.
وكان البنا قد أدار مباراة وحيدة في بطولة كأس الأمم الأفريقية عام 2021 وجمعت بين تونس وموريتانيا وفاز بها بها نسور قرطاج برباعية دون رد.
وسبق له إدارة مباراة في كأس أفريقيا للمحليين بجانب لقاء وحيد في تصفيات كأس العالم و4 مباريات في دوري أبطال أفريقيا.
وخرج البنا من القائمة الدولية للحكام التي اعتمدها رويز في الفترة الأخيرة وهو ما فجر غضب الحكم المخضرم تجاه لجنة الحكام الحالية.