صنع الإيطالي سيموني إنزاجي، المدير الفني لفريق الهلال السعودي، الحدث مع “الزعيم”، وذلك بعدما واصل تحقيق الانتصارات المتتالية خلال الموسم الجاري.
وحقق الهلال فوزًا جديدًا خلال الموسم الجاري، بعدما تفوق على الشرطة العراقي، أمس الثلاثاء، بنتيجة (4-0)، خلال المباراة التي جمعت الطرفين على ملعب “المملكة آرينا”، ضمن منافسات الجولة الخامسة من بطولة دوري أبطال آسيا للنخبة.
ورفع “زعيم آسيا” رصيده للنقطة 15، محققًا العلامة الكاملة في أول 5 مباريات، متربعًا على عرش ترتيب مجموعة الغرب.
سلسلة تاريخية
بهذا الانتصار، بات إنزاجي صاحب أفضل انطلاقة هلالية في بطولة دوري أبطال آسيا عبر التاريخ، بتحقيق الانتصار في أول 5 مباريات.
إنزاجي تفوق على كل من الأرجنتيني رامون دياز في 2022 والذي حقق الفوز في أول 4 مباريات، وهو ما كرره البرتغالي جورجي جيسوس خلال النسخة الماضية.
وتمكن إنزاجي بهذا الإنجاز من حفر اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ الهلال، محققًا الانتصار رقم 12 تواليًا في مختلف المسابقات.
ولم يتجرع إنزاجي أي خسارة حتى الآن على المستويين المحلي والآسيوي منذ وصوله على رأس القيادة الفنية للهلال.
وتتمثل خسارته الوحيدة في السقوط ضد فلومينينسي البرازيلي في ربع نهائي كأس العالم للأندية (1-2)، ومنذ ذلك الحين خاض 16 مباراة حقق خلالها 14 فوزًا وتعادل مرتين.
الرد على الانتقادات
نجح سيموني إنزاجي في تقديم أفضل رد ممكن على الانتقادات التي طالته خلال الفترة الماضية، بعدما قاد فريقه لتحقيق نتائج مذهلة على المستويين المحلي والآسيوي، ليحوّل الضغط الذي تعرض له إلى دافع إضافي انعكس بوضوح على أداء لاعبيه داخل الملعب.
فعلى الصعيد المحلي، استطاع إنزاجي إعادة الاتزان للفريق من خلال تطوير منظومة اللعب، سواء في الشقّ الهجومي أو الدفاعي، ليظهر الفريق بصورة أكثر صلابة وقدرة على السيطرة على مجريات المباريات.
الأداء الجماعي تحسّن بشكل ملحوظ، وبات الفريق يمتلك شخصية فنية واضحة داخل الملعب، الأمر الذي انعكس على النتائج التي بدأت في الارتفاع تدريجيًا، قبل أن تصل إلى مستويات مُلفتة أعادت الثقة إلى الجماهير والإدارة.
أما آسيويًا، فكان رد إنزاجي أكثر قوة وإقناعًا؛ إذ عرف كيف يتعامل مع خصوصية البطولات القارية، وأدار المباريات بذكاء كبير، سواء في اختيار التشكيل أو قراءة المنافسين أو التبديلات التي تصنع الفارق.
ونجح في قيادة الفريق لتحقيق انتصارات مهمة أمام خصوم أقوياء، ما عزز صورة الفريق كأحد أبرز المرشحين للتقدم بعيدًا في البطولة.
هذه النجاحات لم تكن مجرد نتائج عابرة، بل تؤكد أن إنزاجي استطاع تحويل الانتقادات إلى نقطة انطلاق جديدة، وأنه يملك القدرة على إعادة بناء الثقة وتقديم كرة قدم منظمة وفعالة.
اليوم، يمكن القول إن الرد جاء في الملعب، وبالأرقام، وبصورة تجعل المنتقدين يعيدون النظر في أحكامهم، بينما يزداد إيمان جماهير النادي بأن الفريق يسير في الاتجاه الصحيح تحت قيادته.
ماذا ينتظر الهلال؟
في الفترة المقبلة، ينتظر الهلال مجموعة من التحديات الثقيلة التي ستحدد بشكل كبير شكل موسمه ومسار طموحاته على الصعيدين المحلي والقاري.
الفريق يدخل مرحلة مفصلية، لا تحتمل فقدان نقاط أو تراجعًا فنيًا، خصوصًا مع ضغط المباريات وتلاحم المنافسات، ما يفرض عليه الحفاظ على أعلى درجات الجاهزية البدنية والذهنية.
أولى التحديات تتمثل في استمرارية المنافسة على صدارة الدوري، وهي مهمة ليست سهلة في ظل المستوى المرتفع الذي تقدمه بعض الفرق الأخرى، إضافة إلى الإصابات والإجهاد الذي قد يواجه اللاعبين مع توالي المباريات.
الهلال مطالب بالحفاظ على ثباته الدفاعي، واستمرار فعاليته الهجومية، وعدم الاعتماد على مجهودات فردية فقط، بل على منظومة كاملة قادرة على الحسم مهما اختلفت الظروف.
المحطة التالية لا تقل صعوبة، وهي استمرار مشواره في دوري أبطال آسيا، حيث تنتظره مباريات تُلعب بتفاصيل صغيرة جداً، وتحتاج لخبرة وتركيز وتوازن بين الأداء والنتيجة.
الهلال يمتلك عناصر قادرة على صناعة الفارق، لكن التحدي الحقيقي يكمن في كيفية إدارة المباريات خارج الأرض وداخلها، وتجنب الأخطاء الفردية، والتعامل الذكي مع لحظات الضغط التي عادةً ما تحدد مصير المواجهات الآسيوية.
إضافة إلى ذلك، سيواجه الهلال ضغطًا كبيرًا في مسألة تدوير اللاعبين؛ فالفريق يضم أسماء ثقيلة، لكن الحفاظ على جاهزيتها طوال الموسم يتطلب من الجهاز الفني قرارات دقيقة في اختيار التشكيل وإراحة بعض العناصر في الوقت المناسب، دون التأثير على الأداء العام. هذا العامل سيكون حاسمًا في مرحلة المنافسة المزدوجة بين الدوري والبطولة القارية.
كما ينتظر الهلال تحدٍ آخر يتعلق بقدرة الفريق على الحفاظ على شخصيته الفنية داخل الملعب، فالهلال دائمًا ما يُطالب بالهيمنة والسيطرة، وبأن يكون الطرف الأكثر تأثيرًا في أي مباراة، وهذا يضع ضغوطًا نفسية على اللاعبين.
ومع ذلك، فإن الفريق يمتلك الجودة والخبرة التي تمكّنه من تجاوز أصعب اللحظات، شريطة أن يحافظ على الانضباط في التفاصيل الصغيرة التي غالبًا ما تحدد الفارق بين البطولات والخيبات.
باختصار، الهلال مقبل على فترة تحتاج إلى عقلية البطل، وإلى حضور ذهني مستمر، وإلى إدارة فنية واعية لكل مرحلة.
وإذا استطاع الفريق أن يتعامل مع هذه التحديات بالشكل المطلوب، فسيظل مرشحًا بارزًا لحصد الألقاب ومواصلة كتابة تاريخه الكبير.