خرج برشلونة من ملعب ستامفورد بريدج بثلاثية موجعة أمام تشيلسي (0-3)، مما أحدث هزة جديدة في سلسلة مواجهاته الكبرى هذا الموسم، بعد خسارتيه أمام باريس سان جيرمان وريال مدريد.
ومع ذلك، ورغم الإحباط الذي عّم الجماهير والمحيط الإعلامي، فإن القراءة الداخلية داخل غرفة الملابس تختلف كثيرًا عن الصورة القاتمة التي رُسمت خارجها.
فبحسب ما أكدته مصادر داخل النادي لصحيفة “موندو ديبورتيفو” الإسبانية، فإن الجهاز الفني بقيادة هانز فليك يرى أن طرد رونالد أراوخو كان العامل الحاسم الذي غير مسار المباراة بالكامل، في ظل تفوق عددي واضح سمح لتشيلسي بفرض إيقاعه البدني والضغط بارتياح.
ويؤمن الطاقم الفني بأن اللقاء كان سيؤول إلى نتيجة مختلفة، وربما إلى تعادل على الأقل، لو استمر الفريقان بنفس العدد.
كما لفت الجهاز الفني إلى أن تألق لاعبين مثل إستيڤاو وكوكوريا اللذين قدما مستويات أقل بكثير في الجولات الأربع الأولى شكل عنصرًا مفاجئًا أعطى تشيلسي أفضلية إضافية.
ومع ذلك، يرى برشلونة أن المشكلة لم تكن في تفوق فني حاسم من منافسه بقدر ما كانت في ظروف المباراة نفسها، مؤكدين أن الفريق الكتالوني أظهر في فترات عديدة جودة يمكن البناء عليها في المستقبل القريب.
تفاؤل رغم الخسارة
وتستند نظرة التفاؤل داخل النادي أيضًا إلى الظروف الصعبة التي خاض فيها برشلونة مبارياته الكبرى هذا الموسم. ففي مواجهة باريس سان جيرمان، غادر بيدري الملعب قبل الحسم، بينما كان كل من رافينيا وخوان جارسيا (لاعبان أساسيان في الهيكل الحالي للفريق) يعانيان من الإصابة. وفي لندن، غاب بيدري مجددًا ولم يكن رافينيا في حالة بدنية تسمح له بالبدء.
هذا التحليل هو ما يفسر تصريحات فليك عقب الخسارة، حين قال بثقة: “بعد أشهر قليلة، سترون فريقًا مختلفًا تمامًا… هذا ما أعد به”.
وهي رؤية يتقاسمها جميع أفراد طاقمه، الذين يؤمنون بأن عودة بيدري ورافينيا إلى كامل جاهزيتهما ستعيد للفريق قدرته على الضغط العالي والتحكم، وستقدم نسخة أكثر انسجامًا وتماسكًا قادرة على مقارعة أي منافس، سواء محليًا أو أوروبيًا.
كواليس الهزيمة
لم تكن هزيمة برشلونة أمام تشيلسي في ستامفورد بريدج مجرد خسارة ثقيلة، بل رافقتها كواليس عديدة شهدتها المدرجات والمنطقة الفنية، لتنقل صورة مختلفة عمّا ظهر على الشاشات. انفعالات المدرب هانز فليك غير المعتادة، إلى جانب الحضور المفاجئ لمارك-أندريه تير شتيجن، وصولا إلى الأحداث المثيرة بين الجماهير، كل ذلك نسج ليلة كاملة من التفاصيل لم تُرصد كلها أمام العدسات.
وبعد هذه الهزيمة الثقيلة بات برشلونة في المركز الخامس عشر في جدول ترتيب برصيد 7 نقاط، فيما يحتل تشيلسي المركز الخامس وفي رصيده 10 نقاط.
وفقا لصحيفة “سبورت” الإسبانية، كانت تلك الليلة واحدة من تلك الأمسيات التي لا يسير فيها أي شيء وفق المخطط له في برشلونة. الفريق لم يتمكن إطلاقا من تنفيذ أفكاره، وتفوق تشيلسي عليه بدنيًا وتكتيكيًا بقيادة إنزو ماريسكا.
سيطر الفريق الإنجليزي على مجريات اللقاء منذ اللحظة الأولى، ولم يدخل برشلونة فعليا في أجواء المباراة. ومع ذلك، جاء الطرد القاتل لرونالد أراوخو في الدقيقة 43 ليحوّل الصعوبة إلى انهيار واضح في صفوف الفريق الكتالوني.
فليك.. أكثر نشاطا من أي وقت مضى
منذ انطلاق الموسم، بدأ يظهر هانز فليك بصورة أكثر حيوية واندفاعا على خط التماس، وهو ما لاقى ترحيبا واسعا من الجماهير التي تشاهد مدربها أكثر انسجاما مع هوية النادي.
وقالت الصحيفة: “خلال مواجهة تشيلسي، لم يتوقف فليك عن توجيه لاعبيه والاحتجاج على كل لقطة مثيرة للجدل. كانت أبرز لحظاته اعتراضه الحاد على هدف مارك كوكوريّا الذي بدا في موقع تسلل في الإعادة التلفزيونية، رغم احتساب تقنية الفيديو له، ما دفع فليك للاحتجاج بقوة على الحكم الرابع”.
ورغم لحظات الانفعال، برز جانب الدعم لدى فليك أيضا، إذ صفق مرارا للحارس خوان جارسيا كلما خرج من منطقته لقراءة الهجمات وإبعاد الكرة. هذا الدور المتقدم، أحد أعمدة هوية برشلونة، نفّذه جارسيا بشجاعة، وكان فليك يقدّر ذلك بعناية من المنطقة الفنية.
تير شتيجن يظهر في المدرجات
أما المفاجأة الكبرى فكانت ظهور مارك-أندريه تير شتيجن في مدرجات ستامفورد بريدج، وهو أمر لم يظهر عبر التلفزيون.
سافر الحارس الألماني، الذي يواصل العمل بشكل منفرد في المدينة الرياضية تمهيدا للعودة إلى التدريبات الجماعية، إلى لندن وجلس خلف مقاعد البدلاء مباشرة. وبرغم أن تواجده لم يكن إلزاميا، إلا أنه حمل دلالة قوية بعد صيف شهد كثيرا من الجدل حول إصابته.
وتشير الصحيفة إلى أن تير شتيجن تعرض العام الماضي لانتقادات عندما سافر جول كوندي إلى ميلانو لدعم الفريق في نصف نهائي الأبطال بينما بقي هو في برشلونة.
لكن هذه المرة، وبصفته قائدا للفريق، لم يُرِد الغياب عن مناسبة بهذا الحجم. تواجد مع اللاعبين في الفندق، ودخل غرفة الملابس قبل المباراة، ثم تابع المواجهة من المدرجات وهو يدعم الفريق طوال دقائقها. في ظل الظروف الحساسة التي يعيشها برشلونة حاليا، حمل ظهوره رسالة التزام قوية قدّرها النادي أكثر مما ظهر للمشاهدين.