لم يكن التعادل الإيجابي 1-1 بين تشيلسي وضيفه آرسنال مساء الأحد، ضمن الجولة الثالثة عشرة من الدوري الإنجليزي الممتاز، مرضيا لكلا الطرفين على صعيد النتيجة، لكن يمكن القول بأن تشيلسي كان الطرف الأكثر اقتناعا بها، رغم أنها لم تقلص الفارق النقطي مع المتصدر.
حمل اللقاء في طياته أبعادا فنية وتكتيكية عميقة، كشفت الكثير عن شخصية الفريقين، وخصوصاً آرسنال الذي دخل اللقاء بنقطة ضعف واضحة في قلب الدفاع، لكنه خرج بنقطة مهمة أبقت الفارق في الصدارة عند خمس نقاط.
دخل آرسنال المباراة وهو يظن أنه بدأ يستعيد عناصره الأساسية، مع جاهزية فيكتور جيوكيريس وعودة جابرييل جيسوس إلى دكة البدلاء لأول مرة منذ يناير/كانون الثاني الماضي، إلا أن الإصابة التي حرمت الفريق من وليام ساليبا، أعادت المدرب ميكيل رتيتا إلى مربع القلق الدفاعي.
اضطر أرتيتا لاعتماد الثنائي بيرو هينكابي وكريستيان موسكيرا في قلب الدفاع، وهو ثنائي يفتقر إلى الانسجام والخبرة في المباريات الكبيرة. هذا الاضطرار انعكس مباشرة على أداء الفريق في الكرات الثابتة، وهو أحد أهم مصادر قوة آرسنال في الموسم الحالي. فغياب ساليبا وجابرييل ماجالهاييس معا جعل الفريق أقل خطورة في التنفيذ الهجومي، وأكثر عرضة للأخطاء الدفاعية.
جاء هدف تشيلسي من كرة ثابتة، وهو السيناريو الذي لطالما تفاداه آرسنال في ظل قوة الثنائي الأساسي. لكن غياب “البرجين” جعل دفاع آرسنال هشاً نسبيا، وظهر ذلك في التمركز داخل المنطقة.
موسكيرا بدا متوتراً في عدة لقطات، فلم يتعامل بثقة مع الضغط العالي ولا سرعة محاولات تشيلسي لبناء اللعب في العمق. كما تلقى ثلاثة من رباعي الدفاع بطاقات صفراء: موسكيرا، هينكابي، وكالافيوري، وهو مؤشر إضافي على معاناة التنظيم الدفاعي وعدم الانضباط في لحظات الارتداد.
ورغم الهدف المبكر وصعوبة الظروف، تعامل آرسنال بذكاء مع الفترة التي تلت التأخر. الفريق حافظ على استحواذه وخطورته، واعتمد على تحركات ميرينو الذي أصبح أحد أكثر اللاعبين حسما منذ وصوله إلى لندن.
وكعادته هذا الموسم، ظهر ميرينو في اللحظة المناسبة وسجل هدف التعادل، مواصلاً دوره كـ”رجل المواعيد المهمة” في منظومة أرتيتا. الهدف كان ثمرة ضغط متواصل، وثقة الفريق في قدرته على العودة رغم المعاناة الدفاعية.
أداء آرسنال لم يكن مثالياً، بل يمكن القول إنه كان أقل من المعتاد من الناحية الفنية. لم يفرض الفريق سيطرته المعتادة، ولم يكن فعالاً في الثلث الأخير كما في مباريات أخرى. لكن في فترة مزدحمة بالمباريات، خصوصاً قبل “عيد الميلاد”، مثل هذه المباريات تحتاج للحلول الذكية والصبر.
أنهى آرسنال سلسلة من ثلاث مباريات معقدة للغاية أمام توتنهام وبايرن ميونخ وتشيلسي دون أي هزيمة. هذه الحصيلة، إلى جانب ثبات النتائج، تجعل الفريق راسخا في القمة وتمنحه دفعة معنوية كبيرة.
أما التعادل أمام تشيلسي – رغم لعب الأخير بعشرة لاعبين – فيُعد نتيجة جيدة أمام فريق يعيش واحدة من أفضل فتراته هذا الموسم، ويعرف كيف يغلق مساحاته حتى في الظروف الصعبة.
صراع الوسط
كانت هذه المباراة، بحسب ما روّج لها، صراعاً بين نجمَي الوسط: مويسيس كايسيدو وديكلان رايس. لكن السيناريو جاء مغايرا تماما.
تشيلسي خسر كايسيدو بعد الطرد، ليكمل 61 دقيقة – مع الوقت بدل الضائع – منقوصا من لاعبه الأكثر تأثيرا هذا الموسم. الدولي الإكوادوري بدأ كل مباريات البريميرليج تقريبا تحت قيادة إنزو ماريسكا، باستثناء مباراة بيرنلي الأسبوع الماضي، وهو محور ارتكاز رئيسي في أسلوب البناء والضغط والافتكاك.
التوقع الطبيعي كان أن ينهار وسط تشيلسي بعد غياب اللاعب الذي يوصف بأنه “قلب المحرك” في عهد ماريسكا. لكن العكس تماماً هو ما حدث.
ريس جيمس، الذي يعاني منذ أشهر من تعدد الإصابات، تحوّل بفعل الضرورة إلى لاعب وسط بديل لكايسيدو، وقدم مباراة مذهلة بكل المقاييس، حيث افتك كرات في العمق، وضغط على ديكلان رايس، زميله السابق في أكاديمية تشيلسي، وساعد الفريق في بناء الهجمات، وقدم أداءً يليق بقائد قادر على شغل أي دور يفرضه المدرب.
اللافت أيضاً أن تشيلسي لم يتراجع للخلف بعد الطرد، بل واصل ماريسكا التشجيع على الهجوم، وصرخ في لاعبيه بذلك طوال المباراةـ بل ودفع بجارناتشو وديلاپ في الشوط الثاني، في رسالة واضحة بأن تشيلسي قادر على المنافسة حتى بعشرة لاعبين.
لكن المشكلة ما زالت قائمة، تشيلسي الأكثر طرداً هذا الموسم برصيد 4 بطاقات حمراء في 13 مباراة، أي ضعف أي فريق آخر
المفاجأة الكبرى أن تشيلسي، رغم الظروف، أظهر قدرة مبهرة على الحفاظ على مستواه دون لاعبه الأهم. الأداء الجماعي والالتزام التكتيكي كانا نقطة التحول في المباراة، لكن هذا لن يغيّر حقيقة أن الفريق سيعاني في غياب كايسيدو عن مواجهة الأربعاء أمام ليدز.