ليلة تاريخية تعيشها مدينة ميونخ، حيث يلتقي باريس سان جيرمان مع إنتر ميلان في نهائي دوري أبطال أوروبا، وهي المواجهة التي لا تقتصر أهميتها على التتويج باللقب القاري، بل قد تمثل بداية مرحلة جديدة في خريطة كرة القدم الأوروبية.
وللمرة الأولى منذ عام 2004، يُقام نهائي دوري الأبطال من دون أي ناد إنجليزي أو إسباني أو ألماني، وهي الدول التي سيطرت على البطولة خلال العقدين الماضيين.
ففي تلك النسخة البعيدة، فاز بورتو بقيادة جوزيه مورينيو على موناكو الفرنسي بثلاثية نظيفة في مدينة جيلسنكيرشن الألمانية. ومنذ ذلك الحين، لم يغب فريق من الدوريات الثلاث الكبرى عن النهائي حتى الآن.
صعود فرنسي إيطالي
يعكس النهائي المرتقب تحولا واضحا في ميزان القوى داخل القارة الأوروبية، لصالح أندية فرنسا وإيطاليا، اللتين طالما وضعتا في الظل مقارنة بعمالقة إنجلترا وإسبانيا وألمانيا.
ويخوض باريس سان جيرمان النهائي الثاني له في آخر خمس سنوات، بعد خسارته أمام بايرن ميونخ في نهائي 2020.
ومع المدرب لويس إنريكي، تغيرت هوية الفريق الباريسي، فبات أكثر تماسكا وانضباطا وتوازنا بين النجوم الشباب والخبرة، مبتعدا عن السياسة القديمة التي اعتمدت على الأسماء اللامعة فقط.
أما إنتر ميلان، الذي بلغ النهائي في 2023 وفاز باللقب آخر مرة عام 2010، فيمثل روح النهضة الكروية في إيطاليا. بقيادة سيموني إنزاجي، أصبح الفريق نموذجا للتوازن بين التنظيم الدفاعي والفعالية الهجومية، ويضم عناصر بارزة مثل نيكولو باريلا ولوتارو مارتينيز.
تراجع العمالقة
شهدت نسخة هذا الموسم تراجعا ملحوظا للأندية الكبرى التي اعتادت التواجد في المراحل النهائية، حيث إن الأندية الإنجليزية التي هيمنت على البطولة بين 2018 و2023، ودعت المنافسة مبكرا، فخرج آرسنال من ربع النهائي ومانشستر سيتي من دور الـ16.
أما الكرة الإسبانية فلم تُظهر قوتها المعتادة، مع خروج ريال مدريد من ربع النهائي وبرشلونة من نصف النهائي، أيضا رغم البداية القوية للأندية الألمانية مثل بايرن ميونخ وبوروسيا دورتموند، لم تتمكن من الوصول إلى المباراة النهائية.
تحول حقيقي
ربما لا يكون نهائي واحد كافيا لتغيير خريطة الكرة الأوروبية، لكنه يعكس بوضوح تحولا تدريجيا.
فبفضل التخطيط الذكي، وتحسن الأنظمة التكتيكية، والإدارة المالية المستقرة، تمكنت أندية مثل باريس سان جيرمان وإنتر من منافسة كبار القارة والوصول إلى القمة.
سواء توج باريس بلقبه الأول في تاريخه، أو استعاد إنتر اللقب الرابع، فإن نهائي ميونخ 2025 قد يُسجل في التاريخ كنقطة تحول حقيقية، وربما كبداية لحقبة جديدة تعيد توزيع النفوذ الكروي في أوروبا.