في واحدة من أسوأ ليالي ريال مدريد في تاريخه الحديث، تلقى النادي الملكي هزيمة قاسية برباعية نظيفة على يد باريس سان جيرمان، في نصف نهائي بطولة كأس العالم للأندية، التي تقام لأول مرة بصيغتها الجديدة الموسعة في الولايات المتحدة الأمريكية.
اللقاء الذي جمع آخر بطلين لدوري أبطال أوروبا، تحول إلى استعراض فرنسي خالص، وسط ذهول الملايين من المتابعين حول العالم.
هذه الهزيمة لم تكن مجرد خسارة مباراة، بل كشفت أزمة عميقة داخل الفريق الأبيض، تتعلق بالهوية، والطموح، والانحدار الفني الواضح، لتنتهي مغامرة المونديال بفشل ذريع يعكس موسمًا للنسيان.
صفعة موجعة
دخل ريال مدريد البطولة بصفته بطل أوروبا لموسم 2023-2024، وهي المشاركة السادسة له في تاريخه بكأس العالم للأندية، بعد أن تُوج باللقب خمس مرات سابقة.
استهل الفريق مشواره في دور المجموعات بمواجهة قوية أمام الهلال السعودي، وانتهت المباراة بتعادل سلبي مخيب (0-0).
في المباراة الثانية، تنفس المدريديون الصعداء بانتصار مقنع على باتشوكا المكسيكي بنتيجة 3-1.
ثم واصل ريال مدريد صحوته في الجولة الثالثة، حين تفوق على ريد بول سالزبورج النمساوي بثلاثية نظيفة، ليضمن بذلك صدارة مجموعته والتأهل إلى دور الـ16 دون خسارة.
وفي دور الـ16، واجه الميرينجي يوفنتوس الإيطالي، ونجح في تجاوزه بصعوبة بهدف دون رد، سجله جارسيا.
ثم جاءت موقعة ربع النهائي أمام بوروسيا دورتموند، والتي حسمها ريال مدريد بنتيجة 3-2، في واحدة من أكثر مباريات البطولة إثارة.
لكن الحلم انتهى بشكل كارثي في نصف النهائي، حين صُدم ريال مدريد برباعية نظيفة أمام باريس سان جيرمان.
ظهر الفريق مفككًا، ارتكب أخطاء دفاعية فادحة، وافتقر إلى الروح، ليتلقى خسارة تاريخية في واحدة من أسوأ لياليه.
AFP
نهاية كارثية
بعد نهاية موسم 2024–2025، الذي كان مخيبا للآمال بعد سلسلة إخفاقات مؤلمة في الدوري والكأس ودوري الأبطال، قررت الإدارة إقالة المدرب كارلو أنشيلوتي.
في يونيو/حزيران 2025، أعلنت الإدارة تعيين تشابي ألونسو مديرًا فنيًا جديدًا للفريق الأول، في خطوة حملت طابعًا ثوريًا.
ألونسو، الذي تألق مع باير ليفركوزن، جاء بفلسفة حديثة، وشخصية قيادية محبوبة داخل أروقة “فالديبيباس”.
أُوكلت له الإدارة مهمة إعادة بناء الفريق بأسلوب أكثر حدة وانضباطًا، وإعادة ضخ دماء جديدة في التشكيلة التي بدت مرهقة ذهنيًا وفنيًا في الموسم المنقضي.
في سوق الانتقالات الصيفي، سارع ريال مدريد لإبرام عدة صفقات نوعية.
جاء ترينت ألكسندر أرنولد من ليفربول في صفقة بارزة لتدعيم الجبهة اليمنى، بينما انضم المدافع الشاب دين هويسين من بورنموث ليمنح الدفاع عمقًا إضافيًا.
إلى جانب ذلك، تم تصعيد جونزالو جارسيا في الفريق الأول، بعد تألقه مع فريق الكاستيا، وتجديد الثقة في النجم الشاب أردا جولر الذي خرج من موسم سابق صعب.
كما أقدمت الإدارة على منح اللاعبين والجهاز الفني مكافآت ضخمة في حال الفوز بلقب كأس العالم للأندية، في محاولة لتحفيزهم لتقديم نسخة تاريخية في الولايات المتحدة.
وتم إعداد معسكر تدريبي مطول في “بالم بيتش” بفلوريدا، شهد تحضيرات بدنية وتكتيكية مكثفة، وسط أجواء من التفاؤل والحماس.
ظهرت إشارات مبكرة على تطور بعض الأسماء، خاصة جولر وجارسيا، وبدا أن ريال مدريد يستعد لمنافسة الكبار في مونديال الأندية بكل قوة.
لكن مع انطلاق البطولة، تلاشت تلك الطموحات تدريجيًا، ولم يرتق الأداء لحجم التحضيرات، والصفقات الجديدة لم تترك تأثيرًا مباشرًا في المواجهات الكبرى.
كما أن المدرب ألونسو، الذي بدا واثقًا في البداية، اصطدم بواقع مختلف أمام فرق كبرى مثل باريس سان جيرمان، فظهر العجز التكتيكي واضحًا في مباراة نصف النهائي، التي تحولت إلى ليلة سوداء في سجل النادي.
وهكذا، ورغم الأموال المصروفة والتخطيط الكبير، لم يتمكن ريال مدريد من ترجمة هذا الإعداد إلى نجاح حقيقي على أرض الملعب، لتتحول بداية المشروع الجديد من حلم وردي إلى صفعة مدوية أمام أنظار العالم.