نجوم ولكن.. صاروخ المدفعجية الذي ارتطم بجدار الشياطين

BySayed

سبتمبر 23, 2025


في عالم كرة القدم، هناك لاعبون يسطعون كالشهب، يتركون بصمات لا تُمحى في أنديتهم، قبل أن تتحول الانتقالات الكبرى إلى كوابيس شخصية ومهنية.

ألكسيس سانشيز، المهاجم التشيلي، يعد واحدًا من هؤلاء النجوم الذين جمعوا بين التألق الباهر في فريق، والتراجع المثير للدهشة في فريق آخر، رغم قدراتهم الاستثنائية ومهاراتهم الفذة.

ولد سانشيز في مدينة تولكابان التشيلي، في 19 ديسمبر 1988، وسط أسرة بسيطة عاش فيها بين التحديات اليومية وطموح فريد. منذ الصغر، أظهر ألكسيس شغفًا بالكرة، وسرعة فائقة ومهارات فردية لافتة، جعلت الكل يترقب مستقبله الكروي.

بدأ مشواره الاحترافي مع كوبريلوا، حيث خطف الأنظار بسرعة بفضل أهدافه الحاسمة وأدائه الناري. لم يكن مجرد مهاجم، بل لاعب قادر على صناعة اللعب، تمرير الكرات الحاسمة، وفتح المساحات لزملائه.

تألقه اللافت سرعان ما جذب اهتمام الأندية الأوروبية، ليخطو سانشيز أولى خطواته في القارة العجوز مع نادي أودينيزي الإيطالي في عام 2006، حيث بدأ يظهر بصماته بين اللاعبين الشباب، وتمت إعارته إلى كولو–كولو وريفر بليت.

نجم برشلونة الصاعد: التألق في كاتالونيا

نجم برشلونة الصاعد: التألق في كاتالونيا

بعد فترة تعلم طويلة في إيطاليا، انتقل سانشيز إلى برشلونة في 2011، حيث أصبح جزءًا من فريق الأحلام بقيادة بيب جوارديولا. في برشلونة، امتزجت عبقرية سانشيز الفردية مع فلسفة اللعب الجماعي، فظهر المزيج المثالي الذي يجعل منه لاعبًا لا يُقهر.

مع برشلونة، سجل سانشيز أهدافًا حاسمة في البطولات المحلية والأوروبية، وقدم عروضًا مذهلة ضد كبار الفرق الأوروبية. مرونته التكتيكية، سرعته، مهاراته في المراوغة، وقدرته على إنهاء الهجمات، جعلته أحد أبرز نجوم الفريق. خلال هذه الفترة، لم يكن مجرد لاعب جيد، بل ساحر على أرض الملعب، قادر على قلب موازين المباريات بلمسة واحدة.

الانفجار في آرسنال: ساحر شمال لندن

الانفجار في آرسنال: ساحر شمال لندن

في صيف 2014، وقع ألكسيس سانشيز على عقده مع آرسنال، ليبدأ فصلًا جديدًا في مسيرته، هذه المرة في الدوري الإنجليزي الممتاز، أحد أصعب البطولات في العالم. سرعان ما أصبح سانشيز رمزًا للمدفعجية، وساعد الفريق على المنافسة بقوة على البطولات المحلية والأوروبية.

خلال أربعة مواسم مع آرسنال، سجل سانشيز أكثر من 80 هدفًا، وقدم العديد من التمريرات الحاسمة. كان لاعبًا لا يكل ولا يمل، دائمًا ما يقدم الأداء الأفضل في أصعب المباريات. وقد أصبح اسم سانشيز مرتبطًا باللحظات الحاسمة، حين كان الفريق بحاجة إلى أهداف أو إبداع فردي.

أبرز ما يميز سانشيز في آرسنال هو قدرته على فرض شخصيته على المباريات، وإظهار صلابته الذهنية، حتى في اللحظات الصعبة. الجماهير أحبته، ووسائل الإعلام المدريدية والعالمية وصفته باللاعب الذي لا غنى عنه في تشكيلة المدفعجية.

لحظة الانقلاب: الانتقال إلى مانشستر يونايتد

لحظة الانقلاب: الانتقال إلى مانشستر يونايتد

مع كل هذا التألق، جاء الانتقال الكبير، تلك اللحظة التي يراها اللاعبون فرصة للارتقاء، لكنها تحولت إلى بداية سقوط درامي. في يناير 2018، انتقل سانشيز إلى مانشستر يونايتد في صفقة تبادلية مثيرة مع هنريك مخيتاريان.

في البداية، بدا الانتقال واعدًا، فسانشيز كان يملك المهارات، الخبرة، والقدرة على تقديم الإضافة الفورية. لكن سرعان ما بدأت المشاكل تظهر، ومعها سلسلة من الإخفاقات الغريبة، على الرغم من الإمكانيات الفذة التي طالما أظهرها في آرسنال وبرشلونة.

الأسباب العميقة للإخفاق في يونايتد

الأسباب العميقة للإخفاق في يونايتد

الضغط النفسي والمطالب الجماهيرية

مانشستر يونايتد، واحد من أكبر أندية العالم، يحمل على عاتقه ثقل تاريخي وجماهيرية ضخمة. كل لاعب جديد يُتوقع منه الأداء الفوري والمساهمة في تحقيق البطولات. سانشيز، الذي اعتاد على اللعب بحرية نسبية في آرسنال، وجد نفسه تحت مجهر نقدي حاد من الإعلام والجماهير، وهو ما أثر على ثقته بنفسه وقدرته على الإبداع.

سوء التوافق التكتيكي

أحد أبرز أسباب إخفاق سانشيز كان عدم توافقه مع فلسفة اللعب التي حاول المدرب جوزيه مورينيو تطبيقها. في مانشستر يونايتد، كان من المفترض أن يتكيف مع أسلوب يعتمد على التنظيم الدفاعي والانضباط التكتيكي، وهو ما لم يكن طبيعيًا بالنسبة له. مهاراته الفردية التي كانت سر نجاحه في الفرق السابقة لم تُستثمر بشكل صحيح، ما جعل أداؤه متواضعًا مقارنة بما كان عليه في آرسنال.

الإصابات ومشاكل اللياقة

لم يكن سانشيز محصنًا ضد الإصابات، وقد عانى من مشاكل جسدية أثرت على قدرته على تقديم أفضل أداء. تراكم الإرهاق والمباريات الكثيرة في دوري إنجلترا، بالإضافة إلى ضغط المنافسة في البطولات الأوروبية، أدى إلى تراجع لياقته البدنية، ما انعكس على تحركاته وسرعة تنفيذ الفرص.

سوء الحظ والقرارات الإدارية

الإخفاق لم يكن نتيجة الأداء الفردي فقط، بل شابته أيضًا بعض القرارات الإدارية غير المناسبة، سواء في التعاقدات أو في اختيار المدربين والمساعدين الذين لم يقدموا الدعم الكافي للاعب للتأقلم مع بيئته الجديدة.

النتائج الملموسة: من نجم إلى ظل نفسه

النتائج الملموسة: من نجم إلى ظل نفسه

خلال فترة سانشيز مع يونايتد، لم يحقق الأهداف المنتظرة، بل أصبح رمزًا للفشل النسبي، وهو ما أثار انتقادات واسعة. لم يعد اللاعب نفسه الذي أذهل الجماهير في آرسنال، بل تحوّل إلى نسخة بلا بريق، يعاني من فقدان الثقة، ويكافح للتأقلم مع أسلوب اللعب الجديد.

حتى مع تواجده في الملعب، لم يتمكن من استعادة تأثيره المعتاد، بل شهدت الجماهير تراجعًا في حسمه للفرص، وفي سرعته، وحتى في قدرة المراوغة التي كانت سلاحه الفتاك سابقًا.

وبعد فترة صعبة في يونايتد، قرر سانشيز الانتقال إلى إنتر ميلان على سبيل الإعارة، ليحاول إعادة بناء مسيرته في بيئة أكثر توافقًا مع أسلوبه الهجومي. هنا، عاد جزء من بريقه، وقدم بعض الأداء الجيد، لكنه لم يعد اللاعب الذي كان يُعرف بالساحر في آرسنال أو برشلونة.

ماذا نتعلم من قصة ألكسيس سانشيز؟

ماذا نتعلم من قصة ألكسيس سانشيز؟

قصة سانشيز تضعنا أمام حقيقة مهمة في كرة القدم: الإبداع الفردي وحده لا يكفي. النجاح في بيئة جديدة يتطلب التكيف، الدعم، التوقيت الصحيح، والتوافق التكتيكي. حتى أفضل اللاعبين يمكن أن يعيشوا إخفاقات درامية إذا كانت الظروف غير ملائمة.

كما تبرز القصة أهمية الجانب النفسي في كرة القدم الحديثة، فالضغط الجماهيري والإعلامي يمكن أن يحوّل موهبة خارقة إلى عبء نفسي يحد من الأداء، وهو ما حدث مع سانشيز في مانشستر يونايتد.

في النهاية.. ألكسيس سانشيز، رغم تراجعه في مانشستر يونايتد، يظل واحدًا من أبرز اللاعبين في جيله، وقد ترك بصمة لا تُنسى في آرسنال وبرشلونة.

قصته تذكير قوي بأن النجومية في كرة القدم ليست دائمًا مطلقة، وأن الانتقالات الكبرى يمكن أن تكون درامية بقدر ما هي فرصة للتألق.

كما يظل سانشيز نموذجًا للعبقرية المتأثرة بالظروف، وللاعب قادر على الإبداع في البيئة المناسبة، ولكنه قد يواجه الفشل في المكان الخطأ، رغم كل ما يمتلكه من موهبة استثنائية.



المصدر – كوورة

By Sayed