“من الواضح أننا بنينا شيئًا مميزاً خلال الموسم الماضي، ولكن أعتقد أن الجدول الصعب أدى إلى هذا التراجع”، بهذه الكلمات برر الألماني ماتياس يايسله، المدير الفني لفريق أهلي جدة، الهزيمة القاسية التي تعرض لها أمام بيراميدز في كأس القارات للأندية.
الأهلي تعرض لهزيمة قاسية أمام بيراميدز بنتيجة 1-3، أمس الثلاثاء، على ملعبه وبين جماهيره في الإنماء، ليخسر لقب كأس أفريقيا وآسيا والمحيط الهادئ.
إرهاق الكلاسيكو
تصريحات يايسله بعد المباراة كانت امتدادًا لتعليقات جزء كبير من جماهير الأهلي على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، حتى قبل بداية المباراة.
جماهير الأهلي اعتبرت أن وضع مباراة قوية مثل الكلاسيكو ضد الهلال، يوم الجمعة الماضي، قبل 4 أيام من موقعة بيراميدز، سبب في إرهاق اللاعبين.
ما زاد من تلك الحالة من الإرهاق سيناريو المباراة، فالأهلي أنهى الشوط الأول من الكلاسيكو متأخرًا بثلاثية نظيفة، وكأنه قد خسر المباراة قبل بدايتها.
غير أن لاعبي الأهلي بذلوا مجهودًا مضاعفًا في الشوط الثاني، حتى تمكنوا من عودة تاريخية أنهوا من خلال المباراة بالتعادل الإيجابي 3-3.
بعد المباراة، لم يكن يايسله يعرف كيف يتعامل مع الأمور في ظل هذا المجهود، مع ضيق الوقت قبل مباراة بيراميدز، حتى إنه ترك للاعبين حرية الاختيار بين الحضور للنادي أو الحصول على إجازة كاملة في اليوم التالي للكلاسيكو.
خدعة “الريمونتادا”
غير أن مباراة الهلال كما أرهقت يايسله ذهنيًا واللاعبين بدنيًا، فقد كانت سببًا مباشرًا في الهزيمة من بيراميدز، بعد أن خدعت الجميع نفسيًا.
“الريمونتادا” التاريخية ضد الهلال جاءت بعد أيام من فوز عريض حققه الأهلي على ناساف الأوزبكي بنتيجة 4-2، في الجولة الأولى من مرحلة الدوري ضمن منافسات بطولة دوري أبطال آسيا للنخبة.
الأهلي فاز بتلك المباراة بـ”ريمونتادا” أيضًا، فقد كان مهزومًا على ملعبه بنتيجة 0-2 في الشوط الأول، قبل أن يفوز 4-2 بالشوط الثاني.
بعد هاتين المباراتين، بات راسخًا في أذهان الجماهير أن الأهلي قادر على العودة بعد أي هزيمة، ضد أي فريق، وفي أي توقيت، ويبدو أن هذا الاعتقاد انتقل إلى أذهان اللاعبين أيضًا، وهو ما ظهر جليًا في الشوط الثاني.
أسباب الريمونتادا الحقيقية
لا يمكن إنكار دور لاعبي الأهلي والجهاز الفني في العودة من الهزيمة للفوز على ناساف أو للتعادل مع الهلال، غير أن الحديث عن أن هذا هو السبب الوحيد ليس عادلًا.
أمام ناساف، كانت الفوارق واضحة لصالح الأهلي، غير أن بعض الأخطاء الفردية، بالإضافة لعدم التركيز والاستهانة بالمباراة، كلفت الفريق التأخر في الشوط الأول.
ومع تصحيح المسار في الشوط الثاني، أكل لاعبو الأهلي الأخضر واليابس، واكتسحوا الفريق الأوزبكي الذي بدا أنه غير مصدق للتقدم على بطل آسيا في ملعبه.
أما في الكلاسيكو، فقد كان الإيطالي سيموني إنزاجي، المدير الفني لفريق الهلال، صاحب الفضل الأكبر، في عودة الأهلي للمباراة، من خلال إدارته الخاطئة.
إنزاجي بالغ في الدفاع خلال الشوط الثاني، وترك الكرة للأهلي بشكل كامل في الربع الأخير، ليستغل “الراقي” هذا الأمر على الوجه الأمثل.
ومع تراجع لاعبي الهلال للثلث الأول من الملعب، امتلك لاعبو الأهلي فرصة إرسال الكرات الطولية والعرضية التي يتفوقون فيها على أي منافس، ونجحوا من خلالها في تسجيل الثلاثية المفاجئة.
استفادة بيراميدز
بيراميدز استفاد من هذا السيناريو على الوجه الأمثل، لا سيما مدربه الكرواتي كرونوسلاف يورتشيتش الذي تفادى الأخطاء الواضحة التي سقط فيها إنزاجي.
يورتشيتش أغلق المساحات على الأطراف، من خلال اللعب بظهيرين في الجهة اليسرى، وجناح يميل للدفاع مع الظهير الأيمن في الجهة اليمنى.
وبعد التقدم، لم يترك بيراميدز الكرة للأهلي إطلاقًا، بل تحكم هو في الكرة بشكل كامل، وشن الهجمات المرتدة الواحدة تلو الأخرى، ولولا تألق السنغالي إدوارد ميندي، حارس الأهلي، لخرجت المباراة بنتيجة أكبر.
هنا عجز لاعبو الأهلي عن تحقيق “ريمونتادا” ظنوا أنها ستتحقق حتمًا، لا سيما وأن بيراميدز تدرب على الكرات الثابتة، نقطة قوة “الراقي”، بشكل جيد قبل المباراة، بحسب ما صرح به لاعبوه عقب نهايتها.
احتفالية خادعة
كل هذا تزامن مع بعض الأجواء الاحتفالية التي صاحبت المباراة، والتي رسخت في أذهان لاعبي الأهلي وجهازه الفني فكرة الفوز بها في أي توقيت.
قبل المباراة، كانت جماهير الأهلي عبر مواقع التواصل الاجتماعي تتبارى في تجهيز الاسم المناسب للفريق عقب الفوز على بيراميدز، سواء بطل القارات الثلاث، أو بطل نصف العالم، أو غير ذلك من الألقاب.
وصاحب ذلك بعض الأجواء الاحتفالية في الملعب، بسبب تزامن المباراة مع الاحتفال باليوم الوطني السعودي.
كل ذلك أثر على الجهاز الفني، الذي قرر هو الآخر القيام ببعض المغامرات في التشكيلة الأساسية، أبرزها إشراك لاعب الوسط الفرنسي الشاب فالنتين أتانجانا بشكل أساسي لأول مرة منذ ضمه في الصيف الماضي.
كما أشرك يايسله ظهيريه البديلين، ماتيو دامس بدلًا من زكريا هوساوي في اليسار، ومحمد عبدالرحمن بدلًا من علي مجرشي على اليمين.
ومع ما في أذهان لاعبي الأهلي من القدرة على العودة في أي توقيت، فقد زادت هذه التغييرات من أثر ذلك في أذهانهم، حتى كانت النتيجة الطبيعية، بفريق غير حاضر على أرض الملعب، وإن حضر لاعبوه بأجسادهم دون أذهانهم.