عندما يُذكر اسم العيناوي، تذهب الذاكرة بالجماهير الرياضية العربية عموما والمغربية خصوصا إلى يونس، نجم التنس الذي صنع مع مواطنيه كريم العلمي وهشام أرازي جيلا ذهبيا أواخر التسعينيات ومطلع الألفية، لكنه الآن أصبح مرتبطا بنجله لاعب كرة القدم نائل، الذي فرض نفسه بشكل بارز في أول مباراتين له بألوان “أسود الأطلس”.
يسير لاعب الوسط البالغ من العمر 24 عاما على خطى والده بموهبته ومؤهلاته الفنية الكبيرة التي جعلته يطرق أبواب النجومية بشدة بانتقاله من الدوري الفرنسي حيث صنع لنفسه اسما خصوصا مع لانس، إلى إيطاليا وتحديدا قطب العاصمة روما.
ترك بصمته في أول فرصة سنحت أمامه عندما دفع به المدرب وليد الركراكي أساسيا في المواجهتين ضد النيجر وزامبيا.
لم يتأخر في إبراز موهبته وفرض نفسه في التشكيلة معلنا عن مزاحمته لمواهب “المهجر” التي صال وجال الركراكي القارة العجوز، منذ إنجاز كأس العالم 2022 في قطر، لإقناعها بالدفاع عن ألوان المغرب من أجل تشكيل منتخب قوي قادر على مقارعة الكبار وتزكية مركزه الرابع المونديالي وحصد الألقاب بداية من أمم إفريقيا على أرضه نهاية العام الحالي ومطلع العام المقبل.
تألق العيناوي في مركز كان سليم أملاح إلى وقت قريب يبلي فيه البلاء الحسن، وجرب فيه الركراكي كلا من أسامة العزوزي وأمير ريتشاردسون وأسامة تيرغالين، لكن يبدو أنه وجد ضالته في نائل الذي أثبت ومن أول فرصة أنه القطعة التي يبحث عنها لتعزيز خط وسطه وتخفيف العبء عن سفيان أمرابط.
“أسلوب مختلف”
أشاد به الركراكي عقب مواجهة النيجر قائلا “لم يكن من السهل أن يلعب بهذا المستوى في مباراته الأولى مع المنتخب، لكنه أظهر شخصيته”.
وأضاف “لديه أسلوب مختلف في اللعب ولا يمكن لأي كان أن يعرفه. العارفون بخبايا الكرة المستديرة فقط يمكنهم اكتشافه، لاعب يشتغل في الظل لديه إمكانيات فنية جيدة يركض ويمنحنا التوازن”.
بعدما كان نائل يرافق والده في مبارياته ضمن رابطة اللاعبين المحترفين للتنس، أصبح الأب الآن يتواجد في المدرجات لتشجيع نجله آخرها ضد النيجر عندما حمل ألوان “أسود الأطلس” للمرة الأولى وساهم في الفوز الذي كان مفتاح التأهل إلى النهائيات للمرة السابعة.
كان نائل أحد اسمين أبدى الركراكي والاتحاد المغربي منذ فترة ليست بالقصيرة رغبتهما في ضمهما إلى صفوف أسود الأطلس، بعد لاعب وسط ليل أيوب بوعدي (17 عاما)، في ظل اهتمام نظيره الفرنسي بخدماتهما أيضا.
تأخر في الرد حتى أن وسائل الاعلام المغربية أسالت الكثير من المداد وذهب بعضها إلى القول إنه رفضها.
لكن والده صرح قبل أشهر “نائل في بداية مشواره الاحترافي ويعاني من إصابات كثيرة، تعرض لإصابة في الرباط الصليبي وغاب لستة أشهر، والآن يحاول استعادة إيقاعه في الدوري الفرنسي”.
وأضاف “نحن في محادثات مع وليد وسنرى كيف سيكون الوضع البدني لنائل في قادم المباريات”.
عقد الركراكي اجتماعا معه بحضور والده قبل خمسة أشهر في باريس، فأعطى اللاعب ووالده موافقتهما المبدئية للعب للمغرب.
وقال نائل “فخر كبير بالنسبة لي أن أدافع عن ألوان المنتخب المغربي، تم استقبالي بحرارة لدى وصولي إلى معسكر التدريبات من لاعبين ومدرب وجهاز فني”.
وأضاف “حدثني والدي كثيرا عن المغرب وهو فخور جدا بقراري اليوم وأنا هنا اليوم سعيد بهذا القرار”.
Getty Images
“إنييستا ملهمي”
عشق نائل الكرة المستديرة عندما كان في برشلونة مع عائلته عام 2008 حيث صادف تواجدها تألق البارسا على الساحتين المحلية والقارية بنجومه تشافي، إنييستا، الكاميروني صامويل إيتو، والنجم الأرجنتيني ليونيل ميسي.
كان يمني النفس بالانضمام الى أكاديميته “لا ماسيا”، لكن الوقت والظروف لم تكونا في صالحه بسبب انتقال العائلة إلى نانسي فاضطر للدفاع عن ألوان الأخير لموسمين ومنه إلى لانس للمدة ذاتها قبل أن يحط الرحال في روما.
ساهم الأربعاء في فوز فريقه على أرض نيس الفرنسي 2-1 في دور المجموعة لمسابقة “يوروبا ليج”.
وقال في حديث للموقع الرسمي لنادي العاصمة الإيطالية: “كنت عاشقا للنجم السابق لبرشلونة أندريس إنييستا منذ الصغر، هو أيضا قدوتي وملهمي. أحاول أن أكون مبدعا مثله، خاصة وأن وظيفة لاعب وسط الملعب تطورت كثيرا. هناك حاجة دائما للجمع بين العملين الدفاعي والهجومي”.
وعن والده المتوج بخمسة ألقاب في 16 مباراة نهائية في مسيرته الاحترافية والذي ارتقى إلى المركز الرابع عشر عالميا عام 2003، قال “أتمنى دائما أن أكون صورة منه. لقد حببنا في الرياضة، لكن من دون أن يفرض علينا لعبة بعينها، عندما اخترت كرة القدم شجعني على ذلك”.
وأضاف عن اللاعب الذي بلغ ربع نهائي البطولات الكبرى أربع مرات “فخور بأن يكون والدي واحدا من نجوم التنس العالميين”.