مانشستر يونايتد يغرق.. أسئلة قاسية تحاصر أموريم

BySayed

سبتمبر 28, 2025


وقف برونو فيرنانديز واضعاً يديه على خصره، مطأطئ الرأس، وكأنه يبحث عن طاقة مفقودة لفعل ما يجب فعله بينما كانت أصداء أغنية “هاي جود” تتردد في أرجاء ملعب جيتك كوميونيتي.

في النهاية، قاد برونو زملاءه نحو الزاوية التي تجمّع فيها أنصار الفريق ممن بقوا حتى النهاية. تقدم اللاعبون ببطء، متفرقين، ثم اصطفوا أمام الجماهير لدقيقة تقريباً، بملامح حزينة وصفقوا لهم في لفتة بدت أقرب للاعتذار بعد هزيمة مؤلمة بنتيجة 3-1 أمام برينتفورد.

وقالت صحيفة “ذا أتلتيك” البريطانية، إن هذا المشهد أصبح مألوفاً، لأن آخر 8 مباريات لليونايتد خارج ملعبه في الدوري الإنجليزي لم يحصد سوى نقطتين. قبل أسبوعين خسر أمام مانشستر سيتي، والسبت أمام برينتفورد، أما بعد فترة التوقف الدولي فستكون رحلته إلى ليفربول يوم 19 أكتوبر، ثم يواجه نوتنجهام فورست، توتنهام هوتسبير وكريستال بالاس قبل نهاية نوفمبر.. فإلى أي مدى يمكن أن تستمر هذه السلسلة من الإخفاقات؟

قبل اللقاء، كان الحديث يدور حول إمكانية تحقيق انتصار ثانٍ على التوالي في الدوري لأول مرة تحت قيادة روبن أموريم منذ توليه قبل 10 أشهر، بعدما فاز الفريق على تشيلسي السبت الماضي. لكن الواقع يقول إن ذلك مجرد وهم. فمنذ وصوله من سبورتينج لشبونة، فاز الفريق في 9 مباريات فقط من أصل 33 بالدوري. أما الانتصارات المتتالية فغابت تماماً منذ يناير، وحتى في أي شهر لم يحققوا أكثر من فوزين.

في المؤتمر الصحفي، قيل لأموريم إن فريقه يسير “خطوة للأمام وخطوة للخلف”، لكنه رد بأن الصورة أسوأ من ذلك: فحين تكون الهزائم (17) ضعف الانتصارات تقريباً (9)، فإن الواقع هو “خطوة للأمام وخطوتان للخلف”. والأدهى أن الخسائر الثقيلة مثل هزيمة برينتفورد تطيح بأي تفاؤل صنعته انتصارات على بيرنلي أو تشيلسي.

صحيح أن الأداء تحسّن مقارنة بالموسم الماضي، لكن على أرض الواقع لم يتجاوز اليونايتد صورة فريق في وسط الجدول وربما أقل. الأرقام المتوقعة  تشير لفرص تُخلق، لكن المباريات المقنعة في حقبة أموريم نادرة للغاية. وهو مشهد يعيد للأذهان بدايات الموسم الماضي مع إريك تين هاج، حين ظهرت مؤشرات خادعة على التحسن، لكنها تبخرت سريعاً.

بعد ست مباريات في الدوري ذلك الموسم، جمع يونايتد سبع نقاط (فوزان، تعادل، 3 هزائم). وبعد ست مباريات هذا الموسم، رصيده هو نفسه تماماً. الفارق أن إدارة النادي أقالت تين هاج بعد ثلاث مباريات إضافية وهزيمة جديدة فقط.

حتى الآن لا يُسمع أي اعتراض على أموريم داخل جدران أولد ترافورد، لكن إلى متى يمكن أن يستمر هذا المسار دون طرح الأسئلة الصعبة؟ وهل يكفي الفوز بمباراة واحدة في الشهر لإقناع الإدارة بأن المشروع يسير بالاتجاه الصحيح؟

رحلة المشجعين إلى غرب لندن حملت قدراً من التفاؤل، خصوصاً بعد إعلان التشكيل الذي شهد مشاركة الثلاثي المنضم حديثاً (برايان مبومو، ماتيوس كونيا وبنجامين سيسكو) في الخط الأمامي لأول مرة. لكن بعد 20 دقيقة فقط، كان الفريق متأخراً بهدفين، خاسراً المعركة ذهنياً وبدنياً أمام فريق يقوده المدرب الجديد كيث أندروز، الذي لم يحقق سوى فوز وحيد في أول 5 مباريات.

Ruben AmorimImago

قال أموريم بعد اللقاء: “حاولت أن أكون موضوعياً. لعبنا مباراة برينتفورد، لا مباراتنا نحن. لم نستحوذ على الكرة طويلاً، ولم نسيطر أبداً. لم نكن حاضرين”.

لكن السؤال: ما هي هوية لعب يونايتد أصلاً؟ هل هي السيطرة على الوسط؟ لأنه مهما كانت التشكيلة، مثل وجود مانويل أوجارتي بجوار فيرنانديز، فالفريق يعجز عن ذلك لأكثر من دقائق معدودة. وحتى الآن، فشلوا في التعاقد مع لاعب وسط جديد رغم إنفاق 200 مليون جنيه إسترليني هذا الصيف.

اللقاء بدا منذ بدايته تحت سيطرة برينتفورد، ليس فقط بالكرات الثابتة بل بالتفوق العددي في الوسط. أندروز كشف بعد المباراة أنه استغل “الزيادة العددية” بلعب بثلاثة في الوسط أمام ثنائي يونايتد. ورغم اعتماد أموريم على 3-4-3 التي يفترض أن تمنحه تفوقاً في مكان ما، فإنها عملياً لا تنجح أمام الفرق المنظمة في البريميرليج.

الهدف الأول كان كارثة دفاعية. فقد خسر كونا الكرة في الأمام، ثم أربع لمسات فقط كانت كافية: جوردان هندرسون مرر كرة طويلة معتادة في أسلوبه، استلمها إيجور تياجو برأسه وسدد بيسراه قوية في شباك ألطاي بايندير. لكن اللقطة كشفت سوء تقدير من هاري ماجواير الذي فشل في مصيدة التسلل بفارق ضئيل منح تياغو فرصة الانفراد.

الهدف الثاني لتياجو لم يكن أفضل حالاً، إذ بدا دفاع يونايتد عاجزاً. كل هجمة لبرينتفورد كانت تشكل خطراً. وربما النقطة الإيجابية الوحيدة هي تعامل بايندير الجيد مع الكرات العالية، وهي إشارة تكفي لتؤكد سوء أداء الفريق ككل.

هجومياً، لم يظهر أي تهديد حقيقي. مبويمو، الذي تألق في بداية الموسم، بدا شبحاً لنفسه. كونيا قدم لمحات جيدة لكن بلا حصيلة، وسيسكو سجل أول أهدافه في البريميرليج لتقليص الفارق، لكنه جاء من هجمة عشوائية انتهت بمحاولتين فاشلتين قبل أن يسجل في الثالثة.

المشكلة الأكبر أن الفريق فشل في استثمار هدف سيسكو رغم أن أمامه ساعة كاملة لإدراك التعادل. فلا ضغط ولا زخم هجومياً، بعكس فرق يونايتد التاريخية مع السير أليكس فيرجسون. ومع تمسك أموريم الصارم بخطة 3-4-3 وقلة الخيارات المؤثرة على الدكة، بدا الفريق عاجزاً تماماً.

البعض قد يتمسك بلحظات “لو فقط”: لو طُرد ناثان كولينز في الدقيقة 72 بعدما عرقل مبومو، أو لو نجح فيرنانديز في تسجيل ركلة الجزاء التي احتاجت فحصاً طويلاً من الفار ثم تصدى لها كاويمهين كيليهير. لكن حتى أموريم نفسه أقر بأن المشكلة ليست الحكم، بل ما كان يمكن لفريقه فعله بشكل أفضل.

والقائمة طويلة، شبيهة بتصريح شهير لديفيد مويس عام 2014 عندما قال: “يونايتد يحتاج للتحسن في التمرير، صناعة الفرص والدفاع”. نفس الجملة تصلح لوصف فريق أموريم بعد 12 عاماً.

رغم ذلك، ما زال أموريم يحظى بدعم كبير من الإدارة والجماهير والإعلام، تماماً كما حدث مع مويس بعد اعتزال فيرجسون. لكن ماذا لو لم يتحسن الوضع؟ ماذا لو استمر الفريق في خسارة مباريات أكثر مما يفوز، حتى مع غياب المشاركات الأوروبية هذا الموسم؟

الصدمة جاءت صباح السبت حين أعلن وست هام إقالة جراهام بوتر بسبب سوء النتائج، بعد حصده 23 نقطة من 23 مباراة.. وهو سجل لا يبتعد كثيراً عن أموريم الذي جمع 34 نقطة من 33 مباراة مع يونايتد.

وهذا يثير تساؤلات خطيرة: إذا كانت هذه الأرقام كافية للإقالة في وست هام، فإلى أي مدى تراجعت طموحات مانشستر يونايتد ليُعتبر أداء أموريم وفريقه مقبولاً؟



المصدر – كوورة

By Sayed