“سواء خفت منها أو هربت، فإن القدر قادم لا محالة”.. هذا الأمر يُجبر المدرب إنزو ماريسكا وتشيلسي على مواجهته الآن، بعد سنوات من الإنفاق المبالغ فيه على لاعبين شباب موهوبين، مع الفشل في سد الثغرات الواضحة في الفريق عبر صفقات نوعية.
ولا يمكن إنكار جودة بعض التعاقدات التي أبرمتها مجموعة “بلو كو” منذ تولت السيطرة في ستامفورد بريدج، لكن مع إصابة لاعبين أساسيين، أصبح تشيلسي شبه خاو من حيث الجودة في طرفي الملعب.
ولعل الخسارة بنتيجة 1-3 على أرضه أمام برايتون، كشفت هذه المشاكل بوضوح للجميع.
واستعرضت صحيفة “ذا صن” مشاكل البلوز، والتي ظهرت بوضوح خلال السقوط أمام برايتون:
في الدفاع، أدت إصابة طويلة الأمد لليفي كولويل، إلى اعتماد ماريسكا على ثنائي قلبي دفاع مكون من توسون أدارابايو القادم من فولهام، وتريفو تشالوباه، الذي حاولت الإدارة نفسها التخلص منه سابقًا.
ويمر تشالوباه بفترة سيئة، لكن طرده الأخير، ربما أسوأ ما ارتكبه مؤخرًا، ومع إصابة توسون اضطر البلوز للاعتماد على ثنائي شاب (19 عامًا) أمام برايتون، وهما جوش أتشيامبونج وجوريل هاتو.
Getty Images
ويمكن القول إن تشيلسي تعرّض لسوء حظ بالإصابات والأخطاء، لكن المسألة في حقيقتها ترتبط بغياب التعاقدات النوعية.
وكان واضحًا حاجة النادي اللندني لمدافع جديد في الميركاتو الصيفي المنصرم، حتى أن ماريسكا نفسه طلب ذلك بعد إصابة كولويل، قبل أن يتراجع عن تصريحاته لاحقًا.
في المقابل، ورغم الانتقادات التي وُجّهت لآرسنال، عندما ضم بيرو هينكابي إلى جانب ساليبا وجابرييل وكالافوري وتيمبر، إلا أن هذا هو المستوى المطلوب من العمق الفني للتنافس على لقب البريميرليج، أما تشيلسي فيمتلك عددًا من اللاعبين، لكن دون جودة كافية.
الحارس روبرت سانشيز كان محل تساؤلات أيضًا، ورغم أنه بدأ الموسم بشكل جيد وقدم أداءً مقبولًا في كأس العالم للأندية 2025، إلا أن طرده ضد مانشستر يونايتد، أعاد علامات الاستفهام.
وفي وسط الملعب، الوضع أفضل قليلًا بوجود عمق جيد، لكن إصابة أو طرد لمويسيس كايسيدو قد ينسف كل شيء، إذ نجا الإكوادوري نفسه من بطاقة حمراء كادت أن تترك تشيلسي بـ 9 لاعبين أمام فريقه السابق برايتون، بعد اشتباكه مع يان بول فان هيكي.
Getty Images
لقطات صادمة أظهرت كايسيدو وهو يعتدي على مدافع برايتون، ليسقط الأخير أرضًا، فيما تؤكد “ذا صن” أن ما جرى قد يضع تشيلسي في ورطة مع الاتحاد الإنجليزي.
الحكم السابق في البريميرليج، مارك هالسي، قال “هناك سلوك عنيف من كايسيدو، لكن الفيديو غير حاسم. الفار رأى الأمر كذلك أيضًا”.
وتابع “الاتحاد الإنجليزي سيحقق مجددًا، وسيُعاقب الناديان لفشلهما في السيطرة على اللاعبين، وربما يواجه كايسيدو عقوبة لاحقة.”
ولعل غياب كايسيدو المحتمل، سيكون مجرد مشكلة إضافية في لائحة أزمات إنزو ماريسكا.
أما الهجوم، فالوضع لا يقل سوءًا.
ففي عهد بوكيتينو، كان السؤال: هل الفريق مجرد “نادي كول بالمر”؟ والآن، رغم ضم أسماء مثل ليام ديلاب، إستيفاو، جارناتشو، جيمي جيتينز، بيدرو نيتو وجواو بيدرو، إلا أن اعتماد الفريق على بالمر، لا زال واضحًا جدًا.
Getty Images
ولا شك أن إصابته في الفخذ، إلى جانب إصابة ديلاب الطويلة، وضعت البلوز في ورطة هجومية
صحيح أن إستيفاو موهبة مبهرة تشعل المدرجات، لكن تحميل لاعب مراهق، عبء تعويض نجم عالمي، يبدو أمرًا غير منطقي.
جواو بيدرو أيضًا قدّم بداية قوية، لكن بعد فترة التوقف الدولي وسفره لمرتفعات بوليفيا، بدا مرهقًا وفاقدًا للحيوية.
وفي الوقت نفسه، سوء إدارة النادي لملف نيكولاس جاكسون (ثاني أفضل مهاجم إحصائيًا مع ماريسكا) وعدم منح مارك جويو، دقيقة واحدة في البريميرليج هذا الموسم، يعكس أزمة “كمية بلا جودة”.
Getty Images
أما الجبهة اليسرى للبلوز، فهي الأكثر إثارة للتساؤلات، حيث أن جيتينز وجارناتشو كلفا البلوز، أكثر من 90 مليون إسترليني، وبيدرو نيتو الذي يلعب أساسيًا، لا زال بعيدًا عن أرقام الأهداف والصناعة. جميعهم ليسوا سيئين، لكن أيا منهم ليس “الجناح الفارق” الذي يغير معادلة الهجوم، مثل صفقة باريس سان جيرمان مع كفاراتسخيليا.
قرارات الفار المثيرة للجدل أمام كريستال بالاس وفولهام، والانتصار على وست هام الضعيف، نجحت في إخفاء البداية الهزيلة للموسم، لكن الاختبار الحقيقي سيكون ضد ليفربول المتصدر، بعد مواجهة بنفيكا بقيادة مورينيو في دوري أبطال أوروبا.
ومن حيث الإنفاق، لا يمكن الجزم حتى الآن، إن كانت إستراتيجية تود بويلي، ستنجح على المدى الطويل، لكن من المؤكد أنه بعد صرف ما يقارب ملياري جنيه إسترليني، كان يجب أن يكون الفريق قادرًا على المنافسة الآن وليس لاحقًا.
وكان من المفترض أن يمثل هذا الموسم، بداية حقبة جديدة لتشيلسي، بطل العالم، العائد لدوري الأبطال بقوة، للمنافسة على اللقب لأول مرة تحت الملكية الجديدة.
لكن، كما يبدو، سيكون مجرد موسم آخر من الانتظار لملامسة لقب البريميرليج أو دوري أبطال أوروبا.