عاد اسم كوبي ماينو، لاعب وسط مانشستر يونايتد الشاب، ليتصدر العناوين مجددًا، لكن هذه المرة وسط عاصفة من الجدل والتساؤلات حول مستقبله مع الفريق.
الشرارة جاءت بعد التصريحات النارية التي أطلقها النيجيري جون أوبي ميكيل، نجم تشيلسي السابق، الذي شن هجومًا حادًا على المدرب البرتغالي روبن أموريم، معتبرًا أن الأخير يساهم في تدمير موهبة شابة كان يُنظر إليها باعتبارها إحدى جواهر “أولد ترافورد”.
ميكيل لم يتردد في وصف ماينو بأنه لم يعد سوى “ظل لنسخته السابقة”، وهو تصريح يكشف حجم القلق الذي بدأ يسيطر على جماهير مانشستر يونايتد والمراقبين بشأن أحد أبرز المواهب الصاعدة في إنجلترا.
النجم النيجيري السابق تحدث عبر البودكاست الخاص به بلهجة حادة قائلاً: “يا إلهي، ماذا حدث لكوبي ماينو؟ لقد بدا وكأنه ظل لنفسه حين انفجر في الساحة الموسم الماضي، حين دخل أمام برينتفورد، كان بلا اتجاه، مرهقًا وثقيلاً، وتسبب في أحد الأهداف. لقد فقد الثقة تمامًا، وهذا يحدث حين لا يؤمن بك المدرب ولا يمنحك الثقة اللازمة”.
تصريحات ميكيل لاقت صدى واسعًا بين الجماهير، إذ عبر كثيرون عن خشيتهم من ضياع موهبة شابة أخرى بسبب سوء الإدارة الفنية، خاصة أن النادي شهد في السنوات الأخيرة حالات مشابهة لمواهب لم تجد البيئة المناسبة للتطور.
بداية متألقة ومسيرة واعدة
ماينو، البالغ من العمر 20 عامًا، عاش موسمًا استثنائيًا في العام الماضي تحت قيادة المدرب الهولندي إريك تين هاج. نجح في فرض نفسه لاعبًا أساسيًا في تشكيلة مانشستر يونايتد، وأظهر نضجًا تكتيكيًا يتجاوز عمره. تتويج هذا التألق جاء بظهوره في نهائي يورو 2024 بقميص المنتخب الإنجليزي، في إشارة إلى أنه كان يسير بخطوات واثقة نحو مستقبل مشرق.
لكن الصيف الماضي حمل تغيرًا جوهريًا. وصول روبن أموريم إلى مقاعد بدلاء “الشياطين الحمر” قلب المعادلة رأسًا على عقب. المدرب البرتغالي أعاد ترتيب أوراقه الفنية، مفضلاً الاعتماد على القائد برونو فيرنانديز إلى جانب أحد الثنائي كاسيميرو أو مانويل أوجارتي في خط الوسط، وهو ما جعل ماينو خارج الحسابات منذ الجولة الأولى في الدوري الإنجليزي الممتاز.
تراجع حاد
منذ بداية الموسم الحالي، لم يبدأ ماينو أي مباراة في البريميرليج، مكتفيًا ببضع دقائق متفرقة كبديل، وهو وضع لا يتناسب مع تطلعاته ولا مع مكانته كلاعب دولي صاعد. اللاعب كان قد حاول خلال فترة الانتقالات الصيفية الحصول على إعارة تضمن له المشاركة بانتظام، وكانت هناك تقارير قوية عن اهتمام نابولي الإيطالي بضمه، لكن إدارة يونايتد رفضت الفكرة تمامًا، لتتعقد الأزمة مع انطلاق الموسم.
هذا التراجع انعكس بشكل مباشر على أدائه داخل الملعب. ففي مشاركته الأخيرة أمام برينتفورد، والتي انتهت بخسارة مانشستر يونايتد 1-3، بدا ماينو شاحبًا وبلا روح، ما دفع ميكيل إلى انتقاد المدرب بشكل مباشر، معتبرًا أن فقدان الثقة هو السبب وراء هذا الانحدار.
الرحيل خيار مطروح
مع استمرار الوضع على حاله، تبدو فكرة الرحيل في يناير/ كانون الثاني المقبل مطروحة بقوة على طاولة اللاعب ووكيله.
نابولي ما يزال يراقب عن قرب، لكن هناك أندية أخرى داخل وخارج إنجلترا تترقب الموقف، وهو ما قد يفتح الباب أمام ماينو للبحث عن فرصة جديدة لإحياء مسيرته.
في المقابل، يرى تيدي شيرينجهام، نجم مانشستر يونايتد السابق، أن الحل الأمثل لماينو هو البقاء في إنجلترا، بل والانتقال إلى فريق يمنحه دقائق لعب مضمونة مثل ليدز يونايتد.
وقال في تصريحات لصحيفة “يوركشاير بوست” إن: “مجرد أن أموريم لا يراه مناسبًا لا يعني أن مدربًا آخر، مثل دانييل فاركه، لن يتمكن من استغلال قدراته. ماينو لا يحتاج سوى لبيئة تؤمن به، وسيعود للتألق مجددًا”.
ليدز والبحث عن صانع فارق
ليدز يونايتد بدأ الموسم بقوة بانتصارين مهمين على وولفرهامبتون وإيفرتون، ويملك خط وسط متنوعًا يضم أسماء مثل إيثان أمبادو وأنتون ستاخ وآو تاناكا، لكن الفريق يفتقر للاعب قادر على صناعة الفارق في العمق الهجومي، وهو الدور الذي قد يتقنه ماينو إذا حصل على فرصة حقيقية.
التقارير لم تستبعد أيضًا وجود اهتمام من أندية كبرى مثل مانشستر سيتي وتشيلسي ونيوكاسل، لكن انتقال اللاعب إلى منافس مباشر في البريميرليج قد يواجه رفضًا من إدارة يونايتد، التي لا ترغب في تقوية خصومها المباشرين.
معضلة أموريم ومستقبل ماينو
المفارقة الكبرى أن مستقبل ماينو بات مرتبطًا ليس فقط بقراراته الشخصية، بل أيضًا بمصير المدرب أموريم نفسه. فمانشستر يونايتد يعيش بداية كارثية للموسم، ومع تصاعد حدة الانتقادات من أساطير النادي أمثال جاري نيفيل وريو فرديناند، تبدو ثقة الإدارة في المدرب مهزوزة. أي تغيير محتمل على رأس الجهاز الفني قد يفتح صفحة جديدة للاعب ويمنحه فرصة لإثبات نفسه مجددًا.
مباريات حاسمة ونظرة للمستقبل
مانشستر يونايتد يستعد لمواجهة سندرلاند الصاعد حديثًا إلى البريميرليج في “أولد ترافورد”، وهي مباراة قد تعكس بوضوح نوايا أموريم بشأن إشراك ماينو.
وفي الوقت نفسه، يترقب ليدز مباراته الصعبة أمام توتنهام، وسط أنباء عن تحركات محتملة لضم اللاعب في الميركاتو الشتوي.
بين مطرقة دكة البدلاء وسندان الانتقادات، يعيش كوبي ماينو واحدة من أكثر الفترات تحديًا في مسيرته القصيرة، فإما أن ينجح في قلب المعادلة وإقناع مدربه بقدراته، أو يختار الرحيل بحثًا عن فرصة جديدة تعيد له بريقه المفقود. وفي كلتا الحالتين، يظل مستقبله عنوانًا مفتوحًا لواحدة من أبرز القصص المثيرة في موسم البريميرليج الحالي.