كان بول بوجبا على موعد مع مسيرة مختلفة تماماً لو اتخذ قراراً آخر قبل ثلاث سنوات، إذ كان قريباً من الانضمام إلى مانشستر سيتي.
لكن الفرنسي يستعد مع موناكو الآن لمواجهة مانشستر سيتي في دوري أبطال أوروبا، وينتظر فرصة استعادة مسيرته بقميص فريق الإمارة، بعد أكثر من عامين على آخر ظهور رسمي له.
ووفقا لشبكة “espn”، أبدى مانشستر سيتي في صيف 2022 اهتمامه بالتعاقد مع بوجبا عقب رحيله مجاناً عن مانشستر يونايتد، وكان بيب جوارديولا متحمساً للفكرة، واللاعب نفسه منفتحاً على الخطوة، لكن الصفقة لم تتم في النهاية.
ومنذ ذلك الوقت، تغيرت أمور كثيرة، حيث عاد بوجبا إلى يوفنتوس بعد مغادرته أولد ترافورد، غير أن الإصابات المتكررة أفسدت موسمه الأول في تورينو، قبل أن يتعرض لصدمة أكبر بالفشل في اختبار منشطات في سبتمبر/ أيلول 2023، ما أدى إلى إيقافه لأربع سنوات في مارس/ آذار 2024.
لاحقاً، نجح في الاستئناف أمام محكمة التحكيم الرياضية ليتم تقليص العقوبة إلى 18 شهراً، ليكون مؤهلاً للعودة إلى الملاعب في مارس/ آذار 2025.
وبعد فسخ عقده بالتراضي مع يوفنتوس، وقّع بوجبا (32 عاماً) عقداً لمدة عامين مع موناكو خلال الصيف الماضي، لكنه لم يظهر بعد في المباريات، إذ يواصل استعادة لياقته بعد غياب دام 759 يوماً، منذ مشاركته كبديل في فوز يوفنتوس 2-0 على إمبولي.
وقرر موناكو منحه 3 أشهر كاملة من التدريبات قبل التفكير في إشراكه.
وقال المدرب آدي هوفر في مؤتمر صحفي: “نحن نتبع خطته، كنا نأمل أن يكون متاحاً أمام نيس، لكن ربما نؤجل الأمر حتى مباراة أنجيه، حالياً يشارك في عمليات الإحماء وبعض المباريات الصغيرة، لقد تطور كثيراً مؤخراً، وأتمنى أن يكون جاهزاً للعودة بعد التوقف الدولي”.
سؤال محوري
ورغم كل ذلك، يبقى السؤال: هل يستطيع بوجبا استعادة مستواه السابق؟ اللاعب ما زال يحلم بالعودة إلى صفوف المنتخب الفرنسي قبل مونديال الصيف المقبل، لكن الطريق أمامه طويل.
أفضل نسخة من بوجبا كانت حاضرة أمام مانشستر سيتي في أبريل/ نيسان 2018، عندما قاد مانشستر يونايتد للفوز 3-2 في ملعب الاتحاد بعدما سجل هدفين قلب بهما التأخر إلى انتصار، وهي المباراة التي أكدت الإمكانيات التي دفع “الشياطين الحمر” 89.3 مليون جنيه إسترليني لاستعادته من يوفنتوس في 2016.
يومها، كان مرعباً بدنياً ومهارياً في الشوط الثاني، لكن مشكلته مع المدرب جوزيه مورينيو أنه لم يكرر ذلك الأداء كثيراً.
وبعد فوزه بكأس العالم 2018 مع فرنسا وتسجيله في النهائي ضد كرواتيا، ظن جمهور يونايتد أن اللحظة حانت لانفجاره في البريميرليج.
لكن مورينيو لم يُخف استياءه، وقال في مؤتمر صحفي: “الأمر ليس أننا يجب أن نُخرج أفضل ما لديه، بل أن يمنح هو أفضل ما عنده، كأس العالم هي البيئة المثالية للاعب مثله، لأنه معزول تماماً للتركيز على كرة القدم، عكس الموسم الطويل حيث تتفاوت المباريات في أهميتها، ما قد يؤثر على تركيزه”.
كلمات مورينيو كانت بمثابة إدانة لبوجبا، وزادت من توتر العلاقة بينهما خلال عامين ونصف في أولد ترافورد، حيث جرده من شارة نائب القائد، ودخل معه في مشادات علنية أمام الكاميرات.
ومع إقالة المدرب البرتغالي في ديسمبر/ كانون الأول 2018، نشر بوجبا رسالة غامضة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بدت كأنها سخرية من إقالته، وهو ما أثار استياء الإدارة رغم إنكاره.
تحت قيادة أولي جونار سولسكاير، استعاد بوجبا ابتسامته وسجل 13 هدفاً في الدوري موسم 2018-2019، لكنه اكتفى بخمسة أهداف فقط في المواسم الثلاثة التالية مجتمعة. ومنذ رحيله عن يونايتد في 2021، لم يلعب سوى 12 مباراة رسمية.
انحدار في “المنزل”.. وبعث جديد
وعند عودته إلى يوفنتوس – حيث سجل 34 هدفاً في 178 مباراة بين 2012 و2016 – وصف الأمر بأنه عودة “إلى المنزل”.
لكن سرعان ما انقلبت الأوضاع بعد ثبوت تناوله مادة محفزة للتستوستيرون، وقال إنه شعر بأنه يقاتل ناديه بنفس قدر معركته مع الإيقاف.
وفي يوليو/ تموز الماضي، بكى بوجبا أثناء توقيعه عقده مع موناكو، مؤكداً امتنانه لـ “الثقة” التي منحه إياها النادي بعد أن شعر بأن عالم كرة القدم قد أدار ظهره له.
وكتب في رسالة على وسائل التواصل الاجتماعي أن المرحلة المقبلة ستكون بمثابة “بعث جديد”.
رحلة العودة لا تزال طويلة أمام لاعب كان يُصنف بين الأفضل في العالم. وبينما يستعد موناكو لمواجهة مانشستر سيتي في دوري الأبطال، ما زال بوجبا ينتظر لحظة العودة إلى الأضواء.
وفيما يواصل بوجبا العمل لاستعادة لياقته البدنية والنفسية، تبدو تجربته مع موناكو محطة فاصلة في مسيرته الكروية، قد تحدد ما إذا كان قادراً على استعادة مكانته بين نجوم اللعبة أو الاكتفاء بذكرى لاعب امتلك الموهبة ولم يحسن استغلالها، وسط ترقب جماهيري كبير لعودته.