قبل شهرين ونصف من انطلاق بطولة كأس أمم أفريقيا 2025 بالمغرب، يسابق وليد الركراكي، مدرب المنتخب المغربي، الزمن من أجل وضع اللمسات الأخيرة على خطته الكبرى للظفر باللقب القاري.
الخطة التي أطلق عليها الركراكي بتنسيق مع فوزي لقجع، رئيس الاتحاد المغربي لكرة القدم، تُبنى على 3 محاور أساسية: قائمة موسعة من اللاعبين، سلسلة مباريات ودية مدروسة، ومعسكر خاص يمتد على مدى شهر كامل داخل مجمع محمد السادس.
قائمة موسعة.. تنافس محتدم بين 55 لاعبًا
في مؤتمره الصحفي الأخير، كشف الركراكي عن حجم الحيرة التي يعيشها بسبب وفرة الخيارات وتنوع المواهب في أكثر من مركز، خاصة في ظل الضغوط الكبيرة وحتمية التتويج بالبطولة التي تُقام على أرض المغرب. وقال في هذا السياق: “إذا كان وعدي لكم يريحكم، فأنا أؤكد أن الكأس سيبقى في المغرب بمشيئة الله، لكن دائمًا بروح التواضع التي ميزتنا في التصفيات”.
المدرب المغربي قرر اعتماد نفس المنهجية التي سارت عليها رحلة “الأسود” في مونديال قطر 2022، حيث بدأ باختيار قائمة موسعة تضم 55 لاعبًا، بمعدل 5 لاعبين لكل مركز، على أن يتم تقليصها لاحقًا إلى 26 لاعبًا في القائمة النهائية. هذه العملية ستتم وفق معايير دقيقة تشمل الخبرة، الجاهزية البدنية، الانسجام التكتيكي، والقدرة على تحمل الضغوط.
كما أوضح الركراكي أن مساعديه سيرفعون تقارير دورية عن أداء اللاعبين مع أنديتهم، مدعومة بإحصائيات دقيقة، لتسهيل عملية الاختيار وضمان الوصول إلى “الكوماندوز” الذي سيقود معركة الكان.
ودّيات أفريقية.. بروفة على مقاس البطولة
من بين النقاط المحورية في خطة الركراكي اختيار المنافسين للوديات المقبلة. فبعد مواجهة البحرين هذا الشهر، يسعى المدرب لتأمين لقاءات قوية أمام منتخبات أفريقية في نافذة تشرين الثانى/نوفمبر، حتى تتطابق طبيعة المباريات مع خصوم “الأسود” في مجموعتهم بالبطولة.
وقال الركراكي بهذا الصدد: “كنا نرغب في مواجهة السنغال وكوت ديفوار ونيجيريا، لكن الأمر معقد بسبب ارتباطاتهم. حاولنا أيضًا التفاوض مع أوزبكستان واليابان وكوريا الجنوبية، لكن السفر إلى طوكيو أو سيول لم يكن عمليًا. لذلك اخترنا البحرين، والوجهة المقبلة ستكون أفريقية لا محالة”.
رؤية الركراكي تتوافق مع فوزي لقجع، الذي شدد على أن المرحلة التحضيرية يجب أن تكون واقعية ومطابقة لظروف البطولة، رافضًا مواجهة منتخبات أوروبية أو أمريكا اللاتينية. وبذلك تم الاتفاق على خوض مباراتين وديتين في تشرين الثانى/نوفمبر، إضافة إلى ثلاث مباريات أخرى مغلقة داخل مجمع محمد السادس قبل انطلاق الكان مباشرة.
معسكر طويل.. ورسالة مبكرة للأندية الأوروبية
وبما أن المنتخب المغربي سيخوض مبارياته في دور المجموعات بالعاصمة الرباط، فقد أبلغ الاتحاد المغربي نظيره الأفريقي (الكاف) أن المعسكر الرسمي سيكون داخل مجمع محمد السادس، الذي يُعتبر بمثابة “بيت الأسود” ومركز التحضيرات الكبرى.
الركراكي أكد أن المعسكر لن يكون مجرد محطة تدريبية، بل فرصة لخلق الانسجام وتعميق الفهم التكتيكي بين اللاعبين. ومن أجل ذلك، فتح الاتحاد المغربي قنوات التواصل مع الأندية الأوروبية بشكل مبكر، بهدف الترخيص للاعبين بالالتحاق بالمعسكر في وقت مناسب، اعتمادًا على العلاقات القوية التي تربط الاتحاد المغربي بعدد من الأندية الكبرى.
ملف حكيمي والشيبي.. لا مجال للمجازفة
ضمن تفاصيل الخطة، برزت قضية النجم أشرف حكيمي، قائد المنتخب المغربي، الذي يرتبط بنهائي كأس القارات مع باريس سان جيرمان يوم 17 كانون الأول/ديسمبر في قطر، أي قبل 3 أيام فقط من مباراة الافتتاح في الكان.
لكن الاتحاد المغربي حسم موقفه، حيث لن يُسمح لحكيمي بخوض تلك المباراة تفاديًا لأي إرهاق أو إصابة قبل الحدث القاري، وهو الموقف ذاته الذي ينطبق على محمد الشيبي، لاعب بيراميدز المصري، الذي قد يصل مع فريقه إلى نصف نهائي ونهائي البطولة نفسها.
المسؤولية هنا واضحة: لا مجال للمغامرة، واللاعبون سيكونون ملزمين بالالتحاق بالمعسكر قبل أسبوعين على الأقل من انطلاق البطولة، وفق لوائح الكاف والفيفا.
حُلم اللقب.. وواقعية التحدي
من خلال هذه الخطة المحكمة، يظهر جليًا أن المغرب لا يكتفي بالاستضافة فقط، بل يسعى بقوة للذهاب بعيدًا وإحراز اللقب على أرضه. فبعد إنجاز مونديال قطر الذي رفع سقف الطموحات، يجد الركراكي نفسه أمام مهمة تاريخية، تتمثل في تكرار الصورة المشرفة وإسعاد الجماهير المغربية بلقب طال انتظاره.
ورغم الضغوطات الكبيرة، يؤكد المدرب أن التواضع والالتزام والانضباط هي مفاتيح النجاح، مشددًا على أن “الأسود” جاهزون لكتابة فصل جديد في تاريخ الكرة الأفريقية، شرط أن يترجم اللاعبون ما يُخطط له على أرضية الميدان.