‏بصمات سريعة.. عصا جيسوس السحرية ترسم ملامح نصر جديد

BySayed

أكتوبر 3, 2025


المدرب البرتغالي نجح في تعديل مسار العالمي دون إبطاء

في أقل من ثلاثة أشهر، انقلبت موازين النصر رأسًا على عقب. فريق بدا مشتتًا ويفتقد للهوية والصلابة عاد ليقف شامخًا وكأنه وُلد من جديد، ويعود الفضل في المقام الأول لمديره الفني البرتغالي جورجي جيسوس، الذي تولى المهمة خلفًا للإيطالي ستيفانو بيولي، ونجح في ترتيب الأوراق خلال فترة قصيرة.

قبل وصول جيسوس، كان “العالمي” يعيش معاناة حقيقية، فالفريق الذي اعتاد التواجد في واجهة المنافسة بدا وكأنه فقد شخصيته داخل الملعب؛ غابت الروح وتكررت الأخطاء الدفاعية بصورة كارثية، جعلت من السهل على الخصوم اختراق الخطوط الخلفية وتسجيل الأهداف. 

ولم تتوقف الأزمة عند الدفاع فقط، بل امتدت إلى خط الوسط الذي افتقد الانسجام والتنظيم، وفقد القدرة على الربط بين الخطوط وتسيير اللعب، فيما ظهر الهجوم باهتًا رغم امتلاك الفريق أسماء لامعة على المستوى الفردي، إذ غابت المنظومة الجماعية وحل محلها الاعتماد على الاجتهادات الفردية. 

ومع ضغط جماهيري وإعلامي متزايد، بدا النصر في حاجة ماسة إلى تدخل عاجل يعيد التوازن، خصوصًا بعد النتائج المخيبة وسوء الاستقرار الإداري، الذي أبعده عن منصات التتويج.

حزم وهدوء

ومنذ لحظة وصوله، تعامل جيسوس مع الموقف بحزم وهدوء. أولى خطواته كانت إعادة الانضباط إلى غرفة الملابس، بفرض قواعد صارمة على الالتزام والحضور، وحتى أسلوب حياة اللاعبين خارج الملعب، لإعادة الانضباط الذهني قبل أي شيء آخر. 

وعلى الصعيد التكتيكي، ركّز على معالجة الثغرات الدفاعية التي كانت أبرز أزمات الفريق، فعمل على تقليل المساحات بين الخطوط ومنح تعليمات واضحة للمدافعين، في كيفية التمركز والتعامل مع الكرات العرضية. 

كما أعاد توزيع الأدوار في خط الوسط، ليمنح الفريق توازنًا أكبر بين الواجبات الدفاعية والهجومية، بينما اعتمد هجوميًا على تنويع طرق بناء اللعب، والاستفادة من الأطراف وسرعة التحولات، مع منح النجوم حرية أكبر في الثلث الأخير، داخل منظومة منضبطة تُحوّل الفرص إلى أهداف.

ولم يكن التحول مقتصرًا على الجانب الفني فقط، بل شمل شخصية الفريق الذي بدا أكثر قوة وصلابة. ففي تصريحات سابقة، أكد جيسوس أن “النصر في السنوات الماضية كان يخسر نقاطًا، أمام أندية من وسط الجدول أو مهددة بالهبوط، لكن هذا الأمر لن يحدث معه”. 

وبالفعل، ترجم الفريق هذه الكلمات إلى واقع ملموس، حيث لم يعد يتهاون في المواجهات السهلة على الورق، بل خاضها بالجدية ذاتها التي يخوض بها المباريات الكبرى، ليكسب صفة “البطل” الذي لا يفرط في النقاط السهلة، وهو العامل الأهم لأي فريق يطمح لحصد البطولات.

آلة انتصارات

ومنذ قدوم جيسوس، تحوّل النصر إلى آلة انتصارات لا تعرف التوقف، إذ حقق سبعة انتصارات متتالية في مختلف البطولات خلال 81 يومًا فقط، منها أربعة في دوري روشن بالعلامة الكاملة، على حساب التعاون (5-0)، الخلود (2-0)، الرياض (5-1) والاتحاد (2-0)، ليعتلي الصدارة برصيد 12 نقطة. 

وقاريا، حسم مواجهتي استقلال دوشنبه الطاجيكي (5-0) والزوراء العراقي (2-0) متصدرًا مجموعته في دوري أبطال آسيا، كما عبر جدة بسهولة (4-0) في كأس الملك، ليبلغ ثمن النهائي حيث ينتظره الاتحاد من جديد. 

ومع حصيلة تهديفية بلغت 25 هدفًا مقابل هدف وحيد في مرماه، فرض الفريق نفسه كقوة هجومية ضاربة ودفاع منيع، ليؤكد أن مرحلة جديدة قد بدأت بالفعل مع المدرب البرتغالي.

نهاية التذبذب

وقبل وصول جورجي جيسوس، مرّ النصر بفترات من التذبذب في الأداء والنتائج، وهو ما تتضح معالمه في أرقامه بالدوري السعودي، على مدار المواسم الماضية.

بالتزامن مع هذا، كان الأداء في البطولات الآسيوية أقل جودة، مع إخفاقات في الوصول إلى مراحل متقدمة باستمرار. الجماهير والإعلام لاحظوا أن النصر بدأ يفشل في تحويل الفرص الهجومية إلى انتصارات حاسمة، كما أن الاستقرار الدفاعي كان هشًّا، بخسارات في مباريات كان يُفترض أن يخوضها بقوة أكبر.

كان العالمي قريبًا من المنافسة القوية، لكنه لم يكن يتمتع بالشخصية اللازمة للاحتفاظ بالألقاب، أو الرد بثبات في لحظات الحسم، ما خلق نوعًا من الضغط الذي استلزم إدخال تغييرات كبيرة، بدايةً من الجهاز الفني، وهو ما تم مع قدوم جيسوس.

ويعد جيسوس من أبرز المدربين البرتغاليين في العقدين الأخيرين، حيث اشتهر بأسلوبه الهجومي والانضباط التكتيكي. وبدأ مسيرته التدريبية مع أندية برتغالية صغيرة، قبل أن يتألق مع بنفيكا بين 2009 و2015، حيث حقق ثلاثة ألقاب دوري وبلغ نهائي الدوري الأوروبي مرتين. 

وانتقل بعدها إلى سبورتنج لشبونة، ثم خاض تجربة ناجحة مع الهلال السعودي، كما درب فلامنجو البرازيلي وحقق ثلاثية تاريخية، بينها كأس ليبرتادوريس 2019. وعُرف جيسوس بقدرته على تطوير اللاعبين، وفرض الانضباط، ما جعله خيارًا بارزًا في عالم كرة القدم.



المصدر – كوورة

By Sayed