صخرة أصابتها الشقوق.. هذا ما ينطبق على علي البليهي مدافع الهلال والمنتخب السعودي، والذي تراجع دوره بشكل كبير مع الفريق، وأصبح لاعبا خارج حسابات المدير الفني الإيطالي سيموني إنزاجي، الذي يفضل بشكل واضح ثنائية حسان تمبكي وكاليدو كوليبالي.
وسارعت الإدارة لتجديد عقد البليهي ليستمر مع الفريق حتى 2027، في قرار جاء من الرئيس السابق فهد بن نافل، لحماية المدافع والقائد من الضغوط التي يتعرض لها، لاسيما الانتقادات الجماهيرية بشأن تراجع مستواه، إذ رأت الإدارة في ذلك الوقت أنه من المناسب اتخاذ تلك الخطوة لتأمين مستقبل المدافع الذي تحمّل أعباء الدفاع وكان مقاتلا في الكثير من الأوقات التي احتاج فيها الفريق قوة وصلابة.
صيف ساخن
ورغم تجديد التعاقد إلا أن ذلك لم يُبعد اسم البليهي عن الجدل والغموض بشأن مستقبله، فقبل بداية الموسم ومع عدم مشاركته بشكل أساسي في بطولة كأس العالم للأندية، لدرجة جعلت إنزاجي يعول على الوافد الجديد علي لاجامي مدافع النصر السابق أكثر منه، فإن أندية أخرى سعت لتخليص البليهي من المستقبل الغامض مع الهلال.
الاتحاد كان بين الأندية التي ارتبطت اسماؤها بالتفاوض مع “علي”، خاصة في ظل مساعي المدرب السابق لوران بلان لضم مدافع محلي جديد يعوض رحيل عبدالإله العمري الذي عاد إلى ناديه السابق النصر، بعد فترة من التألق بقميص العميد.
لكن الهلال أغلب باب المفاوضات مع البليهي وتمسك ببقاء اللاعب، على الرغم من أن موقف إنزاجي تجاه اللاعب قد عكس عدم وجود رغبة حقيقية في التعويل عليه بشكل أساسي، علاوة على ضم مدافع جديد وهو التركي يوسف أكتشيشيك، الذي بدأ في المشاركة بشكل متزايد أكثر حتى من البليهي، رغم فارق الخبرات لمصلحة الأخير.
لكن اللاعب ربما يكمل موسما هو الأقل له على مستوى المشاركة إذ لم يسجل حضوره سوى في مباراتين فقط حتى الآن منذ بداية الموسم، ما ينبئ بإمكانية رحيله سواء في يناير المُقبل لو لزم الأمر أو بنهاية الموسم، خاصة أن بطولة كأس العالم تلوح في الأفق، ويسعى اللاعب لأن يعود لحسابات الفرنسي هيرفي رينارد من جديد، وأن يقع عليه الاختيار، لاسيما أن المنافسة لن تكون سهلة، مع وجود بدائل أخرى مثل حسان تمبكتي وعلي لاجامي وعبدالإله العمري وجهاد ذكري وسعد الموسى وغيرهم من الذين يشاركون بانتظام.
خبرة طويلة
يُعد علي البليهي، المولود في نوفمبر 1989، واحداً من أبرز المدافعين الذين مروا على الكرة السعودية في السنوات الأخيرة. منذ انتقاله إلى الهلال عام 2017 قادماً من الفتح، فرض نفسه بسرعة في التشكيلة الأساسية للفريق، ليصبح ركيزة دفاعية ساهمت في حصد العديد من البطولات محلياً وقارياً، كما برز حضوره مع المنتخب الوطني في المحافل الكبرى.
إثارة للجدل
عرف البليهي بشخصيته القوية داخل المستطيل الأخضر، وهو ما انعكس في مواقف مثيرة للجدل مع الخصوم وأحياناً مع الجماهير. وفي الفترة الأخيرة، واجه اللاعب انتقادات واسعة بسبب تراجع مستواه وظهور بعض الأخطاء الفردية في المباريات المهمة، ما جعله تحت ضغوط كبيرة من المتابعين. كما زادت بعض تصريحاته الجريئة من حدة الجدل حوله، بعدما اعترف بأن ظروفاً شخصية أثّرت على تركيزه وأدائه. ورغم ذلك، ظل البليهي نموذجاً للاعب المقاتل الذي يضع كامل جهده في خدمة فريقه.
لكن تصرفاته الجدلية في بعض المباريات نقلته من خانة المدافع المقاتل إلى اللاعب المثير للجدل، فتارة يستفز ليونيل ميسي، وتارة أخرى يحاول استفزاز كريستيانو رونالدو، أو إثارة غضب سون هيونج مين، أو العديد من النجوم الذين يواجههم مع فريقه أو منتخب بلاده.
ولا عجب في أن نسمع صافرات استهجان من جماهير الهلال ضد اللاعب كونه قد ارتكب بعض الهفوات القاتلة التي عكست تأثر مستواه بعدم تركيزه داخل الملعب وانشغله بأمور أخرى.
وضع غامض ومستقبل مفتوح
رغم تجديد عقده حتى 2027، يمر البليهي حالياً بمرحلة غامضة مع الهلال، حيث تراجع دوره في التشكيل الأساسي وسط منافسة قوية من أسماء أخرى، كما ارتبط اسمه بالرحيل في فترة الانتقالات الصيفية الأخيرة قبل أن يبقى في صفوف الفريق. هذا الوضع يثير التساؤلات حول مستقبله، خاصة أن الضغوط الجماهيرية والخيارات الفنية للمدرب قد تدفع باتجاه تغييرات جديدة في الخط الخلفي. ومع تقدمه في العمر، قد يكون الموسم الحالي حاسماً في تحديد إذا ما كان سيواصل مشواره مع الهلال كلاعب مؤثر، أم أن النادي سيتجه تدريجياً للاعتماد على بدائل أصغر سناً.
بهذا التداخل بين خبرة السنوات الماضية والجدل المحيط به في الحاضر، يظل علي البليهي اسماً مثيراً للجدل في الكرة السعودية، بين تاريخ حافل بالنجاحات ومستقبل مفتوح على أكثر من احتمال.